بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
* مثال أم مريم :
أم مريم كان اسمها حنا وكانت لا تلد فرأت يوما طائرا يطعم صغاره فتحركت فيها عاطفة الأمومة وأحبت أن يكون لها ولد ، فأخبرت زوجها عمران فقال لها : إذا دعوت الله يستجب لك ، فحملت من يومها وما لبث زوجها أن مات ، ولما تحقق حملها نذرت أن تجعل ما في بطنها متفرغا لخدمة بيت المقدس في طاعة الله : " إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " .
ولم تكن تعلم أنها تحمل أنثي ، فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثي والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى أي في خدمة بيت المقدس فقد كان كل من فيه رجال ، فكيف ستكون أنثي بين الرجال ؟ كان عند الصالحين عفة وكرامة ويخافون علي أعراضهم كنور عيونهم ، ولكن الأم الصالحة حينما وضعت وليدتها علمتنا ثلاثة أشياء هامة ، وهذه نصيحة للأمهات الحوامل في صحة النية في مولودها الذي تحمله قبل أن تري عيناه الدنيا ، وتعليم لنا في الغاية من الإنجاب والذرية :
1- حسن التسمية واختيار الاسم الحسن فهذا من حق الولد علي أبيه ، " وإني سميتها مريم " ومريم تعني المرأة الصالحة أو العابدة .
2- الدعاء لها بالحفاظة من الشيطان وهو سبب كل معصية وبلاء ، فلم تطلب الاستعاذة من المرض أو الفقر وإنما عوذتها بالله من الشيطان الرجيم : " وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم " ، ولم تقل من المرض الأليم أو الفقر الشديد ، وأدخلت في الدعاء ذريتها مع ابنتها ، أي فقه وأي فهم كان لهذه الأم التقية الصالحة ؟ وهذا درس للأمهات والجدات الصالحات ، فكم من قادة وعلماء وأئمة قادوا هذه الأمة إلي كل خير وفتح عظيم كان وراء نجاحهم أمهات صالحات قانتات عابدات .
3- أحسنت النية في هذه المولودة قبل ولادتها فنذرت هذا المولود لطاعة الله : " إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم " ، محررا أي فارغا من كل عمل إلا من طاعة الله .
وهذا زكريا عندما رأي صلاح مريم وتقواها وما خصها الله به من كرامة ظاهرة في مجيء الرزق بغير أسباب تحركت فيه عاطفة الأبوة والرغبة في الولد رغم أنه شيخ كبير وامرأته عجوز عقيم ، ولكنه ما قطع حبل الرجاء والأمل فقال : " رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء " . فأين جاءته البشري ؟ هل وهو جالس في مجلس غفلة ومعصية ؟ أم جاءته وهو في طاعة وعبادة وتهجد ؟ " فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بحييي " . هكذا تُقضي الحوائج وهكذا يُستجاب الدعاء ، قصص القرآن هو قصص الحق الذي يعلمنا النية في إنجاب الذرية ، ويعلمنا كيفية الدعاء لها بالخير ، ويعلمنا سنن الهدي التي يُنشئون عليها ليعرفوا حق ربهم وحق آبائهم وغاية وجودهم في الحياة .