الباب المخفي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ولي المتقين والصلاة والسلام على نبينا محمد حبيب المؤمنين وعلى سادتنا آله الشرفاء الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين
وبارك عليه وعليهم أجمعين ورزقنا الثبات على حبه وحبهم والسير على هديهم إلى يوم الدين وأوردنا على حوضه غير مبدلين ولا مغيرين آمين
أما بعد
فإن يد الله سحاء لا تغيضها نفقة الليل والنهار ولا تعاقب أجيال بعد أجيال ، وما يفتحه سبحانه على أوليائه من شتى المعارف والأسرار لا تزال ما بقي الزمان ، ونفحاته الملكوتية وفيوضاته الربانية ومنحه الإلهية مازالت تنزل على عباده الأبدال ، وفتوحاته ولطائفه ومواهبه اللدنية ما زالت قريبة المنال ، وهو الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا زال جوادا كريما كما كان ، فنسأله دائما مزيدا من الخير والعطاء والنوال ، ونرجو أن يجعلنا من عباده المؤمنين الطيبين الأخيار ، وأن يطهر قلوبنا من شوائب الشرك والأغيار ، وأن يمن علينا بالرحمة والمغفرة ويختم لنا بصالح الأعمال ، لا نملك لأنفسنا نفعا ولاضرا ولا حولا ولا قوة ولا اختيار ، فاللهم لا تخزنا في الدنيا ولا في الآخرة ولا تعذبنا بالنار، واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك يا رحمن آمين .
هذا وإني عازم على كشف سر عظيم من أسرار أسماء الله العظيم، ذلك السر الذي لطالما أخفي عن المريدين للحكمة الروحانية فلم تسعد قلوبهم بعرفته ، ولم تنشرح صدورهم لإدراكه فبقوا في أماكنهم لا يبرحونها ، ووقفوا على باب العلم لم يلجوه ، وانقطعوا عن الوصال اللدني لم يؤتوه ، فغابوا عن الحقائق لا يشاركون ، وظنوا أنهم ليسوا أهلا لنيل الفهم في الحكمة ، و جلسوا ينتظرون من يأخذ بأيديهم من غير بذل ولا جهد ولا فكر ولا تدبر في الأسماء وأسرارها ، وهذه الحال غير مستقيمة وليست على النهج الذي يؤدي إلى المورد السلسبيل .
هذا السر هو الذي يسيرك في طريق الطلب حتى يبوءك أعلى مقامات التأثير الروحاني وينزلك أشرف منازل التصريف بالأسماء الحسنى ، إنه الحلقة الرابطة بإحكام بين الروح والعالم العلوي ، والتي تقرب طبيعتك إليه ، حتى تنسلخ من بشريتك العائقة لك عن إدراك الفتح الملكي والفيض الملكوتي ، وتؤهلك إلى اللقاء والنظر إلى نور الأسماء ومن ثم إلى الفناء.
وإليكم السر الجليل : اعلم أيها الإخوة الكرام إن طالب العلوم الروحانية لا يصل إلى عين الحقيقة في الحكمة إلا من باب واحد هو المخصص له لولوج الساحل الذي يقف عليه الواصلون في انتظار الدخول إلى البحر الخضم والغوص فيه ، لذلك ينبغي للطالب أن يستعمل ذكاءه ويتوجه إلى ربه سبحانه ليلهمه الاسم الذي هو بوابته إلى العالم الروحاني ،وأبشركم أني أملك طريقة صحيحة في إيجاد ذلك ، وسوف أشرح لكم الطريقة فأقول :
ابحث عن الحرف المستولي على اسمك الشخصي و حدد طبيعته الروحانية ، ثم ابحث عن تلك الطبيعة في أسماء من أسماء الله الحسنى ، فإذا وجدت فإنك ستجد عدة أسماء ، وحينها يمكنك أن تستخير الله وتسأله التوفيق ، مع بذل الوسع في التعرف على الاسم (المدخل) عن طريق الإكثار من الذكر بتلك الأسماء ، حتى يمتلك أحدها قلبك وتستشعر سره يسري في روحك - وتلك معالمه - فاشدد عليه يدك ، فقد وقعت عليه ، وبعد ذلك يمكنك البحث عن أعداده وكيفيات وكميات رياضاته وخلواته ، فتعمل ما استطعت منها ، وستوفق بإذن الله إلى السير في الطريق وتأتيك الوصلة من عند الله وتشاهد ثم النور والبريق .
والله نسأل أن يكتب لنا حظا وافرا من الوصال بحضرات الملإ الأعلى إنه سميع مجيب ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين ****