--------------------------------------------------------------------------------
اثار الدموع
أكد علماء النفس و الأخلاق أن من أَجَلّ و أفضل
صفات الإنسان هي الرحمة و الرأفة ورقة القلب
و بالخصوص إذا كانت تجاه الآخرين ؛ فلا إنسانية
بدون العطف على المظلومين ، و أوضح صور التعاطف
البكاء ، فهو أمر طبيعي و عقلائي و ظاهرة فطر الإنسان
السوي عليها بينما تحجر الضمير و غلظة المشاعر
و قسوة القلب ، هو من أخطر أمراض النفس على
الإطلاق و قال في ذلك الإمام محمد بن علي الباقر
(ع) : "ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب
و ما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب ".
بينما ظهر فريق من البشر ، ينظرون إلى البكاء نظرة
سلبية ، و يعدونه أحد الأمراض النفسية أو نتيجة
الاكتئاب بما يعبر عن الضعف في الشخصية أو الاختلال
النفسي ، في الوقت الذي اتخذ البعض سبيلاً آخر أكدوا
فيه ، أن البكاء رمز الضعف و سلاح الواهنين لا
يستخدمه إلا من عجزت قدرته و قلت حيلته بينما
الحقيقة هي عكس ذلك تماماً ، إذ إن البكاء أحد سبل
تخفيف الآلام ، و يعتبر حالة طبيعية جداً ، تدلّ على
رقة القلب و رهافة الحس ، لذلك نرى أن النساء
بعد أن تميزن دون الرجال بالبكاء - أكثر ترويحاً عن
أنفسهن ، و أقل كبتاً للحزن و أضئل تعقيداً للحياة
في الوقت الذي اعتبرت فيه المرأة من أرق المخلوقات
دون الرجل.
فالبكاء هو طريقة لحل المشاكل النفسية ، لأن الأزمات
و النكبات في الدنيا تصدم الإنسان ، و تلك الصدمات
تتراكم في قلبه ، فيكبر الهمّ حتى يأخذ موقعه من النفس
فما يلبث الإنسان أن يكون كياناً حقوداً مملؤاً بالعقد
النفسية ، إلا إذا تدارك الأمر بالبكاء ، و أزال به غبار
الغم عن قلبه الضعيف، كما أن كثير من الآيات القرآنية
المباركة تكشف عن استحباب البكاء و تحذر من قساوة
القلب فقال الخالق تعالى ذكره في الآية (82)
من سورة التوبة : ( فليضحكوا قليلاً و ليبكوا كثيراً
جزاءاً بما كانوا يكسبون ) .
وق ال عز و جل أيضاً في سورة الإسراء الآية
(109) : " و يخرّون للأذقان يبكون و يزيدهم
خشوعاً " .
كما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)
أنه قال : " بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة
الله تعالى ذكره فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء " .