{ الله لا اله الا هو الحي القيوم } : في هذه الآية وصف الله تعالى نفسه بانه لا اله سواه وانه حي بحياة أزلية أبدية ليست بروح ودم وجسد ليست كحياة غيره فهو حي لا كالأحياء . وفي هذه الآية اثبات القيومية لله تعالى , والقيومية عبارة عن استغنائه تعالى عن كل شئ واحتاج كل شئ اليه فالله تعالى لا ينتفع بطاعة الطائعين ولا يتضرر بمعصية العصاة وانما من احسن أحسن لنفسه ومن اساء فعليها ولن يضر الله شيئا .
{ لا تأخذه سِنة ولا نوم } اي لا يصيبه نُعاس ولا نوم لانه منزهٌ عن التطور والتغير والانفعال , هو خلق فينا الانفعالات والتطورات وأما هو فلا يكون ذا انفعالات ولا ذا تطورات لأن خالق الشئ لا يكون موصوفا به.
{ له ما في السموات وما في الارض} أي انه مالك ما في السموات وما في الارض أي من ذوي العقول كالملائكة والانسان والجن وغير ذوي العقول من البهائم ونحوها, فالله تعالى مالك ذلك كله.
{ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } معنى هذه الكلمة أن أحدا لا يشفع عند الله الا بإذن الله , فيوم القيامة الملائكة يشفعون لبعض عصاة المسلمين وكذلك يشفع الانبياء والشهداء والعلماء العاملون لاهل الكبائر من المسلمين . قال عليه الصلاة والسلام ( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي )-رواه الترمذي - .
{ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه الا بما شاء} معناها ان اهل السموات أي الملائكة واهل الارض بما فيهم من الأنبياء والأولياء من الانس والجن لا يحيطون بشئ من علم الله, أي من معلومات الله الا بما شاء اي إلا بالقدر الذي علمهم الله إياه. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ذات يوم ضاعت له ناقة , فقال بعض الكفار مستهزئا بالرسول : ان محمدا يزعم انه يأتيه خبر السماء , وهو لا يدري اين ناقته التي ضلت . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ وَسِعَ كرسيه السموات والارض } الكرسي هو جِرمٌ عظيمٌ خلقه الله تعالى , وهو بالنسبة لعُظم العرش كالكرسي بين يدي السرير, لذلك سُمي الكرسي , ثم الكرسي جِرم كبير, فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ما السموات السبع في جنب الكرسي الا كحلقة في ارض فلاة ...) من حديث رواه ابن حبان. الفلاة هي الارض البرية, أي ان السموات السبع بالنسبة الى الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة من الارض, ثم قال عليه الصلاة والسلام ( وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقه ) أي ان الكرسي نسبته من العرش كنسبة الحلقة من الفلاة.
{ ولا يَؤودُهُ حفظهما } أي لا يُتعِبُ اللهَ حفظ السموات والارض لان كل الاشياء هينة على الله, فكما ان خلق الذرة هين على الله فخلق السموات السبع والكرسي والعرش هين على الله لا صعب على الله شئ ولا يصيبه تعب وفي ذلك تكذيب لليهود الذين قالوا ان الله تَعِبَ بعد خلق السموات والارض واستلقى ليستريح يوم السبت والعياذ بالله تعالى فرد الله عليهم في القرآن بقوله
{ وهو العلي العظيم } ان الله تعالى عالي القدر وليس المقصود علو المكان لان الله تعالى منزه عن الجهة والمكان بل المقصود انه أعلى من كل شئ قدرا, أقوى من كل قوي, أقدر من كل قادر, وهو العظيم أعظم من كل شئ قدرا