التربية النفسية في مرحلة ما قبل البلوغ
تهدف التربية النفسية إلى إكساب الطفل سمات الشخصية السوية ووقايته من أسباب الإضطرابات النفسية، وتحقيق إتزانه الإنفعالي بالوسائل الآتية:
1- إشغال الطفل باللعب التعليمية والترفيهية والألعاب الرياضية والمجالات المهنية والفنية والأدبية والفكرية وغيرها من النشاطات؛ لإمتصاص طاقاته وتهدئة إنفعالاته، ووقايته من المرض النفسي.
2- التدرج عند محاولة تخليصه من عاداته السيِّئة بدلاً من الأسلوب الفجائي الذي يثير إنفعالاته ويأتي بنتائج عكسية.
3- الإهتمام ببرنامج الأسرة الترفيهي؛ وبخاصة يوم الإجازة الأسبوعي (اليوم السعيد).
4- حسن إستخدام مبدأ الثواب والعقاب، وجعل أساسه الحب؛ فمثلاً في حالة إصرار الولد على إشباع إحدى حاجاته من غير الضروريات، فعلينا أن نبدي له الإستياء لإصراره وعدم طاعته، وقد نعاقبه بحرمانه من بعض الإمتيازات التي كنّا نخصه بها، ومثل هذه العقوبات تفيد في إكسابه القدرة على إرجاء إشباع الحاجة وتحمل الإحباط؛ فهذا التحمل يحميه من كثير من الأمراض والإضطرابات النفسية في حالة تعذر تلبية رغباته، ولكن بشرط تعريفه بمسوغاتنا في عدم تلبية طلبه فوراً، على ألا نبالغ في معاقبته على كل صغيرة وكبيرة، ولا نلجأ إلى الضرب إلا بعد سلسلة من العقوبات الأخرى المخففة.
5- الإهتمام بالترويح عن النفس بجانب الإهتمام بأداء العبادات، وجعل الأمر ساعة وساعة
وإذا كان هذا الترويح ضرورياً بالنسبة للكبار فهو بالنسبة للصغار أكثر ضرورة؛ لأنّهم أكثر ميلا إلى اللهو.
كما يشترط في هذا الحب أن يكون خالياً من التدليل؛ لأنّ التدليل الزائد يؤدي هو الآخر إلى سلوكيات مرضية، ويعالج التبول اللا إرادي بزيادة العطف وأيضاً بعدم التعنيف أو التشهير بالطفل عندما يتبول، ويساعد في علاجه أن يتناول عشاءه مبكراً ويمتنع عن الشرب قبل النوم بساعتين، ولا يتناول في عشائه شيئاً مالحاً، كما نكلفه بالذهاب إلى الحمام قبل النوم مباشرة ونوقظه ليتبول كل ساعتين أو ثلاث. هذا بالإضافة إلى تدفئته بملابس إضافية وقت النوم؛ لأنّه لا يحسن إحكام الغطاء أثناء النوم.
9- التجاوز عنه عند الغضب ومخالفة الأوامر وإظهار العصيان؛ حتى نكسبه الثقة في نفسه، وتشعره بحبنا له، ولا ننزعج من ذلك؛ فالولد في مرحلة الطفولة المبكرة يكون أشد حرصاً على إرضاء الكبار وطاعتهم، وسرعان ما يرجع عن عصيانه من دمنا على التنفيذ ونتابعه في صبر ورفق.
فإذا ما غضب الطفل وأخذ غضبه صورة السب أو الشتم أو غير ذلك فعلينا أن نتعامل معه بهدوء؛ ونعرفه أنّه وإن كان من حقه أن يغضب، إلا أنّه ليس من حقه أن يقول ألفاظ كذا أو أن يتصرف بشكل كذا، وكان عليه أن يقول كذا أو يتصرف بشكل كذا. وأحياناً يأخذ الغضب شكلاً سلبياً؛ كرفض الأكل أو الإنزواء في حجرته، ويظهر على ملامحه علامات عدم الرضا. وعلى الوالدين ألا يسرعا بتلبية كل رغباته؛ حتى لا يتعود الغضب ويتخذه وسيلة لتحقيق ملذاته فيصعب عليهما بعد ذلك تخليصه من عادة سرعة الغضب.
10- معالجة مخاوف الأطفال بصبر وحكمة: وتنقسم مخاوف مرحلة ما قبل البلوغ إلى الأنواع الآتية:
أ) المخاوف الطبيعية مثل: الخوف من الكلاب والموت والظلام، وما يرتبط به من الجن والعفاريت الذي يسمع عنها في القصص وغير ذلك، وتنتهي هذه المخاوف بإنتهاء مرحلة الطفولة، وتعالج بعدم تعريض الطفل لأسباب تلك المخاوف، وبتعريفه أهمية ذكر الله تعالى ودور الملائكة في حفظ الذاكرين، ونعمق حقيقة وجود الملائكة في نفسه ونشعره بعظمة قوتهم.
وإلى أن يتخلص الطفل من مثل هذه المخاوف يجب عدم السخرية منه بسببها؛ فما يراه الأب وَهْماً يراه الطفل حقيقة، وعلى الأب أن يقابل هذه المخاوف بالحنان والعطف ورسم خطة لتكوين عاطفة طيبة عنده تجاه الشيء الذي يخاف منه بالتدريج؛ كأن يقربه مما يخاف قليلاً في وجود لعبة أو حلوى ينالها، ثمّ يكرر ذلك حتى يتلاشى الخوف، وبالمثل الذي يخاف من الظلام نقوم بوضع مصباح صغير قريباً من حجرته عند النوم ثمّ نخفت ضوء هذا المصباح يوماً بعد يوم.
ويظهر في مرحلة الطفولة المتأخرة الخوف من سخرية الآخرين بسبب التخلف الدراسي أو بسبب الفشل في أداء بعض المهام، أو غير ذلك مما يسمى بـ(أزمة الإنجاز والكفاءة)، والتي يتولد عنها الشعور بالنقص؛ لذلك فالأولاد في هذه السن يكونون في حاجة إلى التقدير من خلال عمل مفيد وناجح أو من خلال إنتاج شيء أو تصنيعه بدرجة كافية من الجودة، أو من خلال إنجاز مهمة بمثابرة واضحة، فإذا لم يشعر الولد بهذا النجاح أو التقدير إنتابته مشاعر النقص وعدم الكفاءة والخوف من السخرية والنقد، لذلك يجب تجنيبهم مثل هذه المشاعر بمحاولة كشف قدراتهم والعمل على تنميتها.
ب) المخاوف المحمودة: وهي مما يجب تشجيع الولد عليه؛ كالخوف من المعاصي والخوف من التقصير في العبادة. وقد أثنى الله تعالى على هذا الصنف في قوله تعالى:
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (السجدة/ 16).
ج) المخاوف المذمومة: ومنها الخوف من المخلوقات خوفاً يزيد على درجة الخوف من الله أو يساويها؛ لأن في ذلك جهلاً بقدرة الله الكاملة، وتمام سلطانه وقهره لكل شيء وأن نواصي العباد بيده لا يتقدم أحد ولا يتأخر إلا بإرادته وعلمه؛ لقوله تعالى:
(... مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (هود/ 56)، فالمؤمن لا يخاف الناس لعلمه بأنّهم لا يستطيعون أن يضروه إلا بما كتب الله عليه.
د) المخاوف المَرَضيَّة: مثل الخوف من أشياء ليس فيها ما يهدد بأخطار حقيقية. وكثرة هذه المخاوف تعتبر دليلاً على الإضطراب النفسي وبخاصة إذا أدت إلى أعراض مرضية بدنية، وهنا يجب عرضه على الأخصائي النفسي.
كتاب الموسوعة العلمية الحديث في تربية الأبناء
منقول