بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1- يَقُولونَ لِيْ فِيْكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّما
رَأَوا رَجلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا
2- أَرَى النَّاسَ مَن دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهمْ
وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا
3- وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ العِلْمِ إِنْ كنت كُلَّمَا
بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِيَ سُلَّمَا
4- وما زلتُ مُنحازًا بعرضي جانبا
عن الذل أعتَدُّ الصيانةَ مَغنَما
5- إذا قِيلَ: هذا مَنْهَلٌ قُلْتُ قَدْ أَرَى
وَلكِنَّ نَفْسَ الحُرِّ تَحْتَمِلُ الظَّمَا
6- أنزهها عن بعض ما لا يشينها
مخافةَ أقوالِ العِدا فيمَ أو لما؟
7- فأُصبحُ عن عيْب اللئيم مُسَلَّما
وقد رحتُ في نفسِ الكريم معظَّما
8- وإنِّي إذا ما فاتني الأمرُ لمْ أبِتْ
أقلب كفِّي إثره متندما
9- ولكنه إنْ جاء عَفْوا قبلته
وإن مال لم أتبعه هلَّا وليتما
10- وأقبض خَطوْي عن حظوظٍ كثيرةٍ
إذا لم أنلها وافرَ العِرض مُكْرَما
11- وأُكرِم نفسيَ أن أُضاحِك عابسًا
وأن أَتلقَّى بالمديح مُذَمَّما
12- وكم طالبٍ رقِّي بنُعْماه لم يصل
إليه وإن كان الرئيسَ المعَظِّما
13- وكم نعمةٍ كانت على الحُر نقمةً
وكم مغنمٍ يعتَدُّه الحرُّ مَغرما
14- ولم أبتذِل في خدمة العلم مهجتي
لأخدِم من لاقيت لكن لأُخْدَما
15- أأشقى به غَرْسًا وأجنيه ذِلةً
إذا فاتباعُ الجهلِ قد كان أحزَما
16- وإني لراضٍ عن فتًى متعففٍ
يروح ويغدو ليس يملك درهمًا
17- يبيتُ يراعِي النجمَ من سوءِ حالِه
ويصبحُ طَلْقا ضاحكا متبسما
18- ولا يسأل المُثْرين ما بأكفِّهم
ولو ماتَ جُوعا عِفَّةً وتكرُّما
19- فإن قلت: "زَندُ العِلمِ كابٍ"،فإنما
كبا حين لم نَحرُسْ حِماهُ وأظلَما
20- ولو أنّ أهلَ العلمِ صانوه صانهم
ولو عظَّموه في النفوسِ لعظما
21- ولكن أهانوهُ فهانوا ودنَّسوا
مُحَيَّاهُ بالأطماع حتى تجَهَّما
22- وما كل برقٍ لاحَ لي يستفِزني
ولا كل مَن لاقَيتُ أرضاه مُنعِما
23- ولكن إذا ما اضطرني الضُّر لم أبت
أقلبُ فكري مُنْجِدًا ثم مُتْهِما
24- إلى أن أرى ما لا أَغَصُّ بذِكْره
إذا قلتُُ قد أسْدى إليَّ وأنعَما