تجربتي الأولي حدثت معي عندما كنت فى الحادية عشر من عمري. عندما أسقطتني ريح قوية من على أرجوحة عالية. أدى ذلك السقوط الى تمزق فى حجابي الحاجز كما ذكر التقرير الطبي. لم أستطع الحراك. ما أصعب تلك اللحظة! لا أستطيع أن أستنشق الهواء، فقط أستطيع الزفير!، ولذلك إحتفظت ببقية الهواء داخل رئتي . كنت على وشك الموت، واستسلمت له فى النهاية وأحسست براحة. وقلت الوداع لكل شئ. كنت أحس بأن الأرض كلها ورائي، كنت أستطيع تحريك عيناي فقط. وفجأة أصبح كل ما حولى أكثر حياة. أوراق الأشجار أصبحت أكثر إخضرارا، والسماء أكثر زرقة، لم أر ذلك الجمال فى الطبيعة من قبل!. وبعد ذلك رأيت التاريخ وقد صعد من على وجه الأرض، 400 سنة الى الوراء. أصبحت "أنف" واحد من سكان أمريكا الأصليين. واستطعت معرفة إسم الشجرة من خلال رائحتها فقط. وعندما أتى غرباء الى تلك الأرض ليضموها إليهم، كانت لدى رؤية جديدة عن هندى أحمر يقاوم مستعمر إنجليزى . ومن الطريف أن أذكر هنا أنني لعبت دور جندى، ولكن بعد مشاهدتي لما حدث فى الحرب الأهلية أصبحت أكثر تقديرا لقيمة الروح الإنسانية.
(لم أدرك إلا مؤخرا جدا أن تلك التجربة التى مررت بها صادفت إحتفالا للذكرى السنوية لبداية الحرب الأهلية كان يقام على بعد 126 ميلا من منطقتي!)
وبعد ذلك إنطلقت من الأرض ومررت خلال طبقات مختلفة من الأجواء. أحسست بحب كبير يحيط بي، كالحب الذى أشعر به من جهة والدي ومن جديّ. ملأ صوت ما رأسي قائلا "كل شئ على ما يرام". إستسلمت له، كنت فى طريقي الى بيتي! وفجأة كان هناك صوت إنفجار هوائي تحت حنجرتي. ثم عدت مرة أخري الى جسدي. هواء نقي لذيذ ملأ رئتي وأعاد لى عافيتي.
تجربتي الثانية مع الموت كانت عميقة، حدثت لى عندما كنت فى الرابعة والعشرين من عمري فى عام 1974 كنت حينها أقطن فى كولورادو. وكنت قد علمت فى أحلام تحذيرية سابقة بوقوع ثلاث حوادث طرق لي فى المستقبل القريب. لماذا؟ لا أعلم. لم يكن بمقدورى إيقاف حدوثها. وكان أن وقع أولهم، صدمة كبيرة، طرت بعدها فى الهواء بعيدا عن دراجتي النارية وخارج جسدي. ورأيت جسدي يتدحرج على الأرض. إنقصم ظهرى الى نصفين.
ضباب رمادي كثيف وبارد لفني ودخل بي الى نفق من الضوء، وحملني صاعدا الى السماوات. أحسست بالحب المتزايد يأتي إلىّ وفى نفس الوقت كان هناك صوت ضعيف بدأ يتضح أقوي فأقوي، إنتفخ الصوت وأحاطني فى "هوووو" كبيرة. كان الطنين يسكن بداخلي. كان الصوت يأتيني من داخل ذلك الطنين العالى، كان أشبه بصوت محركات ألف طائرة أو صوت رعد متواصل . أحسست وكأن الصوت أشبه بصوت جدي الذى كان يحبني كإبنه. كان الصوت يعرف كل شئ عني ويحدثني عنه. حتى عيوبي الصغيرة ذكرها لى بحب وتفهم.
أثناء ذلك كنت أتحرك فوق منظر طبيعي رعوي واسع جدا وإتجهت الى أعلى حيث يوجد جبل عليه قبة ضخمة من مكونة الصخور. وكان صوت الـ"الهوووو" ينفذ من كل الأنحاء الى الداخل. كانت هناك تقويسات وأعمدة ترفع القبة عاليا.. دخلت الى إحدى الغرف التى أوضحت لى أشياءا تتعلق بأناس ينامون الآن فى كوكب الأرض بينما يجري تعليمهم هنا. ثم ساقتني قوة ما الى غرفة رئيسية حيث رأيت نورا ينبعث من فوهة، كان فى ذلك النور سبعة كائنات من النور متصلين مع بعضهم البعض بالنور. كانوا واحدا وفى نفس الوقت سبعة. كان الحب الذى ينبعث الىّ من تلك الوجوه السبعة يذكرني بالتجربة التى مررت بها وأنا فى الحادية عشر. كان مألوفا، وأحسست وكأني فى منزلي. كانت الكائنات السبعة تتحدث بإتفاق واحد داخل رأسي، حيث أن الصوت لم يكن يتحرك داخل الغرفة. ملأوا رأسي بالحكمة. وأثناء تحدثي معهم كانت الغرفة قد إختفت، حيث أن الصور التى وضعوها فى رأسي بدت وكأنها ملأت الغرفة، وكأنها شاشة عرض ضخمة، إلا أن الإختلاف كان فى أنني داخل الصورة بنفسي والأشياء من حولى تحيا وتتحرك.
أروني كيف سيكون مستقبل البشرية. كان عنيفا منذ بدايته. كان فاسدا ولا يمكن لأحد أن يطيقه!. كنت بريئا جدا وحسن النية. ولكن كل ذلك أخذ منى، براءتي.
رأيت بشرا يتضورون جوعا ومجاعات منتشرة هنا وهناك. رأيت حروبا وآلاما وإحتكارا للقوى، وأجساد صرعي الحروب تتكوم على بعضها البعض.
"كيف يمكن أن تكون كل تلك القسوة فى العالم؟!" فكرت وهززت رأسي فى فزع.
لم أكن أرغب فى أن أراها. على الرغم من أن بها سحر قوي يجذبني لمشاهدة الصورة الضخمة، لا مفر لي ، سأشارك فى كل ما يجري هناك..
ثم رأيت مشهدا كان فيه نقطة تحول فى حياتي، رأيت رجلا يضع على رأسه قبعة رعاة البقر ويركب حصانا ومن حوله الأبقار وعدد من الرجال يحملون مسدسات. كان المشهد باللونين الأسود والأبيض وكأنه أحد الأفلام السينمائية القديمة. ركزت إنتباهي على ذلك الرجل لأقرأ حروف حمراء شاحبة على صدره وهما الحرفان "ر ، ر" "من هذا؟ " سألت، لم أكن أستخدم فمي فى الحديث، أخبرني الصوت " سيصبح رئيسا للولايات المتحدة" ، "روي روجرز؟" لم أستطع التفكير "لا معني لهذا" .. ولذلك شككت فى صحة رؤيتي لسنوات طويلة.
أخبرني الملائكة "ما تشاهده الآن هو أحداث لمستقبل كوكبكم، ولكن لا يمكن أن تحدث إذا ما كانت لديكم الرغبة فى تغييرها. كل شئ فى تدفق ويمكن أن يتغيّر عندما يكون التغيير ضروريا فرديا وجماعيا".
رأيت ما بعد العام 2000، ثم رأيت مستقبلي الشخصي. ماذا سأفعل فى اللحظات الأخيرة من حياتي. نشطا، سعيدا. كانت لدى أحاسيس مختلطة وتفهم محدود لمعني كل هذا فى ذلك الوقت.
صوت هدير قوى أشبه بصوت شلالات ضخمة مرّ برأسي. وعاد الضباب الرمادي. ثم عيناى تنظران الى الأمام. لم يكن هنالك نفق فى رحلة العودة. رأيت نفسي داخل سيارة الإسعاف. الأصوات تتلاشي من رأسي، ووعود بزيارات لى فى المستقبل.
بعد مضي ست سنوات من تلك الحادثة وفى عام 1980 ينتخب رونالد ريجان رئيسا للولايات المتحدة، كان ممثلا وأصبح رئيسا. هذا هو راعي البقر الذى رأيته فى تنبؤي للمستقبل بالأحرف "ر، ر" المنقوشة على صدره.
فى عام 1994، إكتشفت أن شخصا يدعي "دان" مر بتجربة إقتراب من الموت وسيق داخل كاتدرائية وأخبر بأحداث مستقبلية أيضا. فقد رأي فى عام 1975 ممثلا فى شكل راعي بقر مع الحروف "ر، ر" تحت ختمه الرئاسي. حدث له ذلك فى نفس عام تجربتي مع الموت. مدهش! رأينا نفس الشئ فى وقت واحد. الإختلاف الوحيد هو أن "راعي البقر اللامع" كان قد إعتقده دان "روبرت ردفورد" وإعتقدته أنا "روي روجرز". شئ لا يصدق! نحن الإثنان أخطأنا فى تحديده! ولكننا أصبنا فى نفس الوقت. هذا ما أسميه بالصدفة ذات المغزى. ولكن إنتظروا! هناك أكثر! نحن الإثنان ولدنا فى نفس العام، ونلت درجة الشرف فى التخريج من المدرسة الثانوية من نفس الفصل الذى كان يدرس به دان ويحمل هو نفس درجة التخرج. الصدفة كلمة خاملة نستعملها، ولكننا لا نرى الصورة الكاملة.
فى عام 1987، بينما كنت أتلقي تعليمي من جدي روبرتس، ذو الـ84 عاما والذى يعيش فى كالفورنيا، أصابني مرض، كان جدي لا يري فى الحمي التى أصبت بها مرضا جسمانيا، ولكن بداية رحلة. كان قلقا، رأى شيئا قويا، ولكنه قال فقط "كثير من الأشخاص يموتون أثناء دخولهم ذلك المكان الذى ستذهب إليه، ومن تكتب له الحياة سيكون مصابا بالجنون".
لم تفدني كلماته كثيرا، ولكن على الأقل أخبرني الحقيقة، تقويت بها. قال لى إذا لم أجد الحب فى أى مكان فعلى الأقل أترك الباب مفتوحا للمحبة ، سيكون منتظرا فى الجانب الآخر. ووجهنى الى الخروج والإعتكاف وحدي فى منطقة مقدسة، وسيقوم هو بآداء طقوسه من داخل منزله.
كنت أشعر بغاية الضعف وجسمي يتحول من رجفة عنيفة من البرد الى عرق غزير بتأثير الحمي. سمعت نعيق بومة (بعض المواطنين هنا يرون فى نعيقها بشارة للحياة، وآخرون يرونها نذيرا للموت).
المرة الآخيرة التى أمر فيها بالتجربة كانت فى الساعة السابعة مساءا. ثم إستيقظت ميتا. وعلى الرغم من أن تلك التجربة كتبتها بتفصيل أكثر فى كتابي "ملائكة فى النور" ، أرفض أن أوثقها هنا، مرة أخرى، حتى لا أعطيها طاقة إضافية، فقط أردت أن أقول أنني إستيقظت لأجد نفسي فى حفرة من حفر الجحيم. كنت فيها مذعورا فى معركة أبدية بين الخير والشر. الشر كان يسمح لى أن أشعر بكابوسه الرهيب..
يتبع
يتبع