بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بين البصر والبصيرة تكمن أهمية التبصّر
بالإضافة إلى البصر المادي أي الرؤية (في حيّز الظاهر)، والبصيرة أي الرؤيا (التي تتخطى حجب المكان والزمن)، هناك التبصّر، ليكتمل المثلث. والتبصّر هو المراقبة والتمعن في المعطيات والصور التي التـُقِطـَت عبر حاسة البصر أو تلك التي تجلّت على شاشة البصيرة... وهو أيضاً القراءة بين السطور، والتساؤل عن الغوامض، والمقارنة والربط بين الماضي والحاضر لتخطيط مستقبلي أفضل. لكن الإنسان قلما يراقب الظواهر من حوله وفي داخله... في سبيل المقارنة والربط! فحتى من الناحية المادية، كم من شخص، عاش طوال سنين تحت الشمس ولم يتساءل لمرّة واحدة على سبيل المثال، لماذا إشعاعات الشمس تبدو صفراء في النهار فيما ترتدي وشاحاً أحمر عند المغيب؟ وكم من شخص تأمل في زرقة السماء من دون أن يتساءل لماذا السماء زرقاء؟ علماً أن الجواب يكمن في هذه التساؤلات، كونها تتطرّق إلى ثلاثية الألوان الأساسية: أحمر، أصفر وأزرق وطبيعة انكسارها... ونترك للقارئ متعة البحث عن الأجوبة في هذا الخصوص. وإن تطرّق البعض إلى هذه المفاهيم ليكتشف تفسيراتها مادياً، فقلما من تقصى حقيقة رموز الألوان وماهية الأشعة والإشعاعات التي تلوّن الفضاء والوجود والكائنات والجماد علماً أن هذه الألوان، يحددها نظام حركة الذبذبة الفائق الدقة، وهي متواجدة في أبعاد الكون وفي أبعاد كيان الإنسان!
ختاماً نستخلص أن معرفة الفارق بين البصر والبصيرة و بين الضوء والنور أصبح من المستلزمات الضرورية لكلّ من يسعى إلى تطور مادي وباطني في الوقت نفسه. ومن خلال التبصّر في كل ما يلتقطه البصر في الحياة اليومية وما تتلقفه البصيرة في أوقات التأمل والصفاء، تصبح حواس البصر والبصيرة بأنواعها... أداةً للتطوّر بالوعي والارتقاء وتخطي أبعاد المكان والزمن! لقد ورد في كتاب الإيزوتيريك "تعرف إلى وعيك" ص 45: "الوعي لا يحقق ذاته من دون مقارنة وتفاعل بين قطبين... والدليل هو ازدواجيّة الإنسان، وازدواجيّة الطبيعة الأرضيّة، وكلّ الكائنات"