سورة البقرة مدنية واياتها (286 )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ
(بسم الله الرحمن الرحيم الم) الألف إشارة لحضرة الألوهية و اللام لحضرة اللطف و الميم إشارة لمحمد صلى الله عليه و سلم فيكون المقصود من الحروف الله اللطيف ومن جليل لطفه أرسل محمدا صلى الله عليه و سلم رحمة للعالمين ليهديهم إلي ما يوصلهم إلي جنابه العظيم ويدعوهم إلي ما يدخلهم ديوانه الأسمى وبدلهم على ما يصونهم تحت حجاب عزة الصون الأحمى وقال ابن عباس رضي الله عنه الألف من الله واللام من جبريل و الميم من محمد صلى الله عليه و سلم وقال على غير ذلك وقال بعض بالوقف عن تفسير أوائل السور التي هي مثل هذه كالمر والمص والروكهيعص وطه وطسم وطس ويس و ص وحم وحم عسق وق ونون وفي الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة و الحسنة بعشر أمثالاها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف (ذلك ) المنزل من عند الله وهو ( الكتاب ) القرآن العزيز و الإشارة إليه (لا ريب ) لا شك (فيه) أنه نزل من عند الله وفيه ( هدى ) هداية ( للمتقين ) الملقين أسماعهم لمواعظه و قلوبهم لمعانيه و إفادته وفي الحديث مرفوعا من رزق تقى فقد رزق الدنيا و الآخرة رواه أبو الشيخ (الذين ) موصول وهو نعت للمتقين (يؤمنون ) يصدقون (بالغيب) من أخبار الدار الآخرة وما أعد الله فيها للمحسنين و المسيئين ( ويقيمون ) على أكمل الوجوه ( الصلاة ) لله بالإخلاص و اعتدال الأركان و الحضور فيها ( ومما ) أي ومن الذي ( رزقناهم ) من الأرزاق الحسية و المعنوية ( ينفقون ) فيعطي المؤمن العامي في سبيل الله من الذهب و الفضة و الطعام وغير ذلك ما يقدر عليه و يعطي العارف ذلك و يزيد بإفاضة الأنوار الحقية و الأسرار الفردية و العلوم اللدنية المتلقاة من الحضرة اللإلهية (و الذين يؤمنون ) يصدقون (بما أنزل إليك ) أي القرآن (وما ) أي والذي (أنزل ) من عند الله (من قبلك ) من الكتب الإلهية كعبد الله بن سلام ومن معه من مؤمني أهل الكتب (وبالآخرة) و ما أعد الله فيها من الثواب للمطيعين و العقاب للعاصين ( هم يوقنون ) و يحققون ذلك (أولئك ) المؤنون بالبعث و بما أنزل ( على ) طريق (هدى ) أي هداية (من ربهم ) رباهم بها ووفقهم إليها ( وأولئك ) المذكورين (هم المفلحون ) الفائزون بالتصديق و الجزاء عليه و الوهب و التوفيق (إن الذين كفروا ) كأبي جهل ومن طبع على الكفر (سواء عليهم ) مستو لديهم ( ءأنذرتهم) خوفتهم بالله (أم لم تنذرهم ) أم تركتهم (لايؤمنون ) لسبق الشقاوة لهم (ختم الله ) طبع (على قلوبهم ) و استوثق عليها فلا يدخلها الإيمان (وعلى سمعهم ) فلا يمتثلون أوامر الحق ( وعلى أبصارهم ) أعينهم (غشاوة ) غطاء فلا يبصرون الحق الواضح ( ولهم ) أي للكفار (عذاب عظيم ) متواصل قوى (ومن الناس ) وهم المنافقون ( من يقول ) بلسانه (آمنا بالله و ) آمنا (باليوم الآخر ) وما أعد الله فيه ( وما هم ) على الحقيقة (بمؤمنين ) نفى الله إيمانهم لأنطوائهم على النفاق (يخادعون الله ) بصورة ذلك اللإيمان ( و الذين آمنوا ) كذلك يخادعهم المنافقون لإظهارهم خلاف ما يبطنون خشية من النبي صلى الله عليه و سلم و المؤمنين على دمائهم و أموالهم وقرئ يخدعون (وما يخدعون إلا أنفسهم ) فإن وبال ذلك عائد عليهم وقرئ وما يخادعون وقرئ يخدعون بضم الياء وتشديد الدال
وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ
يتبع
"
"
"