كلام في الرياضيات: المالانهاية و النهايات
كلام في الرياضيات:
المالانهاية و النهايات
ربما كان التعامل مع المالانهاية من أصعب الأمور التي حاول الرياضيون معالجتها على مر التاريخ،
لذا وجدت الكثيرمن المفارقات (العبارات المتناقضة ظاهريا) التي تعالج مفهوم المالانهاية
و ترجع جميعها تقريبا إلى الأغريق و إلى فيلسوف اسمه زينو الذي وضع عدة مفارقات جميعها لها المعنى
أراد الحصان أخيل أن يتسابق مع السلحفاة سباق المائة متر
مع العلم أنه أسرع من السلحفاة عشر مرات (لا بد أن سرعة السلحفاة كانت رهيبة)
و نظرا لأن الحصان كان واثقا من نفسه فقد سمح للسلحفاة أن تبدأ من مسافة عشرة أمتار قدما من نقطة بداية السباق.
في سباق كهذا لا بد أن الغلبة ستكون من نصيب الحصان ...
و لكنه لكي يفعل
لا بد أن يقطع الأمتار العشرة التي تفصله عنها
و عند حدوث هذا ستكون السلحفاة قد قطعت مسافة أخرى لا بد للحصان أن يقطعها أيضا
و هكذا دواليك كلما وصل الحصان لمكان السلحفاة ستكون هي قد قطعت مسافة أخرى لا بد أن يقطعها…
كيف و الحال هذه سيسبق الحصان السلحفاة.
إن حل هذه المفارقة يكمن في فكرة أن هناك إمكانية لإضافة عدد غير منتهي من الكميات لتنتج في النهاية كمية منتهية،
كيف ذلك،
يتهيأ لنا من خلال عرض المسألة أن الحصان سيظل يلاحق السلحفاة و لن يلحقها إلا بعد قطع مسافة لا متناهية .
و هذا غير صحيح. كيف؟
لاحظ أنه
في الفترة التي يقطع فيها الحصان الأميال العشرة الأولى ستكون السلحفاة قد قطعت المسافة متر
و عندما يقطع الحصان المسافة متر ستكون السلحفاة قد قطعت مسافة 0.1 من المتر
و عندما يقطع الحصان تلك المسافة ستكون السلحفاة قد قطعت مسافة 0.01 متر أخرى
و عندما يقطع الحصان تلك المسافة ستكون السلحفاة قد قطعت مسافة 0.001 من المتر
و هكذا دواليك إلى ما لا نهاية
و على هذا لو قمنا بجمع تلك المسافات التي تقطعها السلحفاة قبل أن يصلها الحصان إلى ما لانهاية
سنجد أنها
10+0.1+0.01+0.001+…=11.1111…=100\9
إذن عدد الخطوات غير المنتهي هذا سيكون قد تم على بعد 100\9 متر
أي أقل من 12 متر من بداية السباق
و عند تلك النقطة ستؤول المسافة بين الحصان و السلحفاة إلى صفر
و لن يجد الحصان بعد ذلك ما يمنعه من أن يسبق السلحفاة.
نلاحظ هنا
(و هذا هو بيت القصيد)
أن هذا هو كل ما أمدتنا به الرياضيات لحل تلك الإشكالية
و لاحظ هنا أن الرياضيات لم تقل لنا أي شيء عما سيحدث في المالانهاية
فهي لا تستطيع وصف ما يحدث هناك
و لكنها تقول لنا إنه إذا سارت الأمور بنفس النمط السابق
(الذي وصفناه) سيكون الحال قد آل إلى قطع المسافة 100\9 متر.
و الرياضيات في مجال كبير منها (التحليل) تبنى أساسا على دراسة النهايات
فمثلا التفاضل و التكامل كليهما ليسا أكثر من مثالين هامين على نوعين من النهايات.
و النهاية (كمصطلح رياضي قد تكون
ما أردنا قوله هو أن النهاية لا يشترط أن تصف ما يحدث بالفعل عند الاقتراب بشكل لا نهائي من الكمية المطلوبة
و لكنها تصف ما نتوقعه لو سارت الأمور بنفس النمط الذي تسير فيها عند الاقتراب بشكل كبير جدا من الكمية المطلوبة.
و بالتالي لا تدعي الرياضيات أبدا أنها قادرة على وصف ما يحدث في المالانهاية
فليس لديها الجرأة لتفعل
و هي في ذات الوقت لا تملك القدرة لفعل ذلك
و رحم الله امرئ عرف قدر نفسه
منقول للفائدة