إن علاقة الجن بالقرآن حقيقة و قد أكدتها سورة الجن وهى مكية و آيتها 28 و قد نزلت هذه السورة مباشرة بعد سورة الاعراف . حيث أوحى الله إلى نبيه محمد صل عليه و سلم أن جماعة من الجن ( نفر) يتراوح عددهم ما فوق واحد إلى العشرة أصغوا لى القرآن , فلما عادوا إلى قومهم ذكروا لهم أنهم سمعوا قرآنا بديعا , يهدي إلى طريق الرشاد فآمنوا به و أجمعوا ألا يشركوا بربهم أحدا. هذا و قد إختلف الناس و العلماء فى الجن , فمنهم من قال إنه لا جن , و إنما كل من يتصل بنا من العالم الروحانى فهو من الارواح الادمية , و منهم من قال إتهم علم قائم بنفسه . و يفهم من روح القرآن تأيده هذا الرأي . و لعل الابحاث التى يجريها العلماء فى تحقيق المسائل الروحية تفضى إلى علم صحيح يركن إليه فى أصل الجن الذين تم ذكرهم فى القرآن ( و الله أعلم ) .
حيث ذكر هؤلاء النفر من الجن إلى قومهم أن الله تعالت عظمته سبحانه لم يتخذ لنفسه زوجة و لا ولدا و أن إبليس أو مردة من الجن أو كبيرهم على وجه عام كان سفيها و كان يقول على الله كلاما بعيدا عن الصواب كنسبة الصاحبة و الولد إليه وهو قولا ذا بعد و مجاوزة حد . و أنهم صدقوه ظنا أنه لن يتجارى أحد من الانس و الجن على أن يقول كذبا فى حق الله .
حيث كان يعمد رجال من الانس يلجأون لرجال من الجن طلبا لاستخدامهم فى حاجانهم الدنيوية ، فزادوهم ضلالا و بعد عن الحق و عبادة الله الواحد القهار, حيث زادوا فى تشكيكهم فى البعث و كفروا به .
هذا و قد خلق الله سبحانه الجن من مارج من نار و قد مكنهم بأشياء تفوق الانسان مثل الطيران و التشكل و غيره ( و الله أعلم ) و قد تعمد بعض من الجن ملامسة السماء و القرب منه فتبين لهم أن السماء بعدما شاهدوها ملئت حرسا و شهبا يمنع الاستماع . حيث كان البعض منهم يقعد منها مقاعد خالية من الحرس ليتعمد سماع منها ما يتكلم به الملائكة حيث يتعمد البعض من الجن إذاعة هذه الاسرار فى الارض . لكن الجن تأكدوا أنهم من يجرأ منهم التسمع يجد له مرصدا يمنعه من الاستماع وشهابا يهوى عليه يهلكه .
إن علاقة الجن بالقرآن حقيقة أكدها القرآن فى سورة الجن المباركة و قد تأكد الجن أنهم لما سمعوا هذا القرآن و الهدى الذى فيه أيقنوا أن من يؤمن بربه فلا يخاف نقصا لحقه و لا ترهقه ذلة . كما تأكدوا أن من أسلم منهم فأولئك توخوا طريق الرشد , و أما الجائرون منهم فجعلهم الله حطبا لجهنم.