السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربما يستغرب البعض من العنوان ( شكراً للمصائب )
لكنني من خلال تجاربي في الحياة و من واقع ما يمر بأمتي من أحداث و مآسي وجدت أنه برغم مرارة المصائب و الهموم لكن فوائدها للإنسان و للأمة كبيرة جداً
شكراً للمصائب لأنها توحدنا على الأقل كشعوب و كأسرة فمع كل أزمة و مصيبة تجتمع أسرتنا و تنسى كل الخلافات الدنيوية البسيطة و تتآلف و تتعاضد أو من المفترض ذلك على الأقل
يبدأ هذا من الأسرة الواحدة و يمتد ليشمل أبناء المجتمع و البلد و الأمة
كل الشعوب العربية تدعم بعضها البعض و تتألم لجراح بعضها البعض و تفرح بإنجازات بعضها البعض
لو مات شخص في العراق بكى لأجله شخص في المغرب و مهما حاولت قوى الشر أن تفرقنا فحبنا لبعضنا أمر موجود في دمنا برغم الإعلام المرسخ للتفرقة و الكراهية و العنصرية و التقسيم
برغم كل المؤامرات و الخدع التي تحاك للأمة
شكراً للمصائب لأنها تعرفني عدوي من صديقي .. تعرفني بمن أثق و من أحب و من أوالي و من أصادق
فالصديق وقت الضيق و عند الشدائد تظهر معادن الرجال
عرفت اليوم أن كل من يدعو إلى الفتنة و يحث على القتل تحت اي غرض و هدف مسموم كان ( حرية ، طائفية ، ديمقراطية ، حقوق إنسان و غيرها )
كلهم أعدائي و لن أثق بهم و أن تلك المحطات الفضائية المستفزة و التحريضية حتى و لو نقلت الحقيقة فإنها تبني مجدها و تدفع رواتب عامليها من دمائنا نحن الشعوب
شكراً للمصائب لأنها تذكرني بالموت و الموت نهاية حتمية لكل الكائنات .. لكل الأفكار ... لكل الأطماع
لكل الدول ...
لكل شيء نهاية
لكل شيء إذا ما تم نقصان ... فلا يغر بطيب العيش إنسان
فلماذا تلك الحروب و الثورات و المجازر و الأطماع و العمر قصير و الموت قادم مهما طال عمرنا
لماذا نتقاتل مع بعضنا و يقتل الأخ أخاه ؟؟؟
لأجل دنيا فانية ؟؟؟
كل ابن أنثى و لو طالت سلامته ... يوماً على آلة حدباء محمول
ماذا أعددنا للموت ؟
مال ؟ مناصب ؟ حرية ؟ ديمقراطية ؟؟
ليس لنا إلا العمل الصالح و المصيبة تذكرني بأنني مهما عشت فلن أحمل معي إلى قبري إلا عملي
شكراً للمصائب لأنها تعلمني الصبر و تجعلني أقوى و أكثر قدرة على التعامل مع صعوبات الحياة
لأنها تصقل شخصيتي و تعلمني و تمنحني الخبرة و التجربة و تمهد لي الطريق نحو النجاح
فمن لم يتعرض للمحن و الابتلاءات فمن المستحيل ان ينجح فالمصائب إشارات في الطريق و لا بد من تجاوزها
شكراً للمصائب لأنها تجعلنا إلى الله أقرب
تجعلنا نتفكر و نتعقل و نعيد نظرتنا إلى كل الأمور
تجعلنا نتوب و نقلع عن الكثير من المعاصي و الذنوب و الأخطاء
تجعل قولبنا أرق
ننكسر ... نقتل الكبر في صدورنا و نتعظ
نسجد لربنا و نتضرع إليه بالدعاء
إلهي ...
لن أقول همي كبير لكنني سأقول : ربي كبير
فوضت أمري إليك و توكلت عليك و أنت القهار و أنت المهيمن و أنت الرحيم و أنت القادر
لك الحمد في السراء و الضراء
لك الحمد في النعمة و لك الحمد عند البلاء
و عجباً لأمر المؤمن فكل أمره له خير
إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له و إن أصابته نعماء شكر فكان خيراً له و ليس ذلك لغير المؤمن
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين