قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا "
أي : قل لهم ـ مخبرا عن عظمة الباري ، وسعة صفاته ، وأنها ﻻ يحيط العباد بشيء منها :*
" لو كان البحر "
أي : هذه اﻷبحر الموجودة في العالم ،*
" مدادا لكلمات ربي "
أي : وأشجار الدنيا ، من أولها إلى آخرها ، من أشجار البلدان والبراري ، والبحار ، أقﻼم ،*
" لنفد البحر "
وتكسرت اﻷقﻼم*
" قبل أن تنفد كلمات ربي "
وهذا شيء عظيم ، ﻻ يحيط به أحد . وفي اﻵية اﻷخرى*
" ولو أنما في اﻷرض من شجرة أقﻼم والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم "
. وهذا من باب تقريب المعنى إلى اﻷذهان ، ﻷن هذه اﻷشياء مخلوقة ، وجميع المخلوقات ، منقضية منتهية ، وأما كﻼم الله ، فإنه من جملة صفاته ، وصفاته غير مخلوقة ، وﻻ لها حد وﻻ منتهى ، فأي سعة وعظمة تصورتها القلوب ، فالله فوق ذلك ، وهكذا سائر صفات الله تعالى ، كعلمه ، وحكمته ، وقدرته ، ورحمته ، فلو جمع علم الخﻼئق ، من اﻷولين واﻵخرين ، أهل السموات وأهل اﻷرض ، لكان بالنسبة إلى علم العظيم ، أقل من نسبة عصفور ، وقع على حافة البحر ، فأخذ بمنقاره من البحر بالنسبة للبحر وعظمته ، ذلك بأن الله ، له الصفات العظيمة الواسعة الكاملة ، وأن إلى ربك المنتهى .
🚩تفسير إبن السعدي🚩