إذا أردت أن تختصر الطريق في البحث عن التجارب الدعوية الناجحة, فيتحتم عليك أولاً أن تبحث عن الدعاة المخلصين, الذين يبذلون أوقاتهم وأموالهم في سبيل إنجاح مشروعهم الدعوي, وهذه حقيقة مهمة نبدأ بها مقالاتنا في هذا الموقع, وفي هذا القسم بالذات, "من نتاج الدعاة", فالإخلاص فضلاً عن كونه السبيل الوحيد, بعد كون العمل صواباً, ليكون العمل مقبولاً من الله تعالى, كذلك هو السبيل الوحيد أيضاً الذي يدفع بالداعية إلى البذل والاجتهاد وسلك أنجح السبل لتنفيذ أنشطته, حتى لو كان ذلك مخالفاً لهواه واستعجال الشيطان له ليبرز أو يظهر.
وحينما يتذكر الإنسان مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم في هذا الباب, الإخلاص في الدعوة إلى الله, يود لو كان بينهم حتى ينغمس معهم في ذلك العهد القمة في كل مجال, فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرح بأن قتل أسامة بن زيد رضي الله عنه رجلاً ظنه قال لا إله إلا الله لينجو بها من القتل, ولم يتردد صلى الله عليه وسلم في تصحيح الخطأ, حتى لو صدر من حبه وابن حبه أسامة, ولم تحدثه نفسه بأن أسامة كان صادقاً, وكان يبذل في سبيل الله وفي سبيل الدعوة, وقته وروحه, بل قال صلى الله عليه وسلم له بالكلمة الواحدة: (هلا شققت عن قلبه), فالإخلاص لله كان هدفه صلى الله عليه وسلم وليس إرضاء الناس في معصية الله, ثم انظر إلى إخلاص أسامة رضي الله عنه حينما سمع ذلك التوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم, فهو لم يغضب لنفسه رضي الله عنه, بل غضب عليها, وود لو أنه آمن الساعة, ولم يفعل ما فعل, وهكذا تكون النفوس التي تعمل للآخرة وتعمل للفوز بالجنة والنجاة من النار.
وعندما يوفقك الله تعالى لتأمل تجارب المخلصين الدعوية, فإنك ستجد التوفيق الذي صاحبهم من الله في تجاربهم, وستجد الاعتراف والتنبيه لأخطاء مروا بها, تحذيراً منها, وستجد علماً مؤصلاً تستفيد منه, وغير ذلك من أنواع الفضائل التي تحتاجها في طريقك إلى الله تعالى.
منقول