بسم الله الرحمان الرحيم وبه اهتدي واستعين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين،
فالابتعاد عن الأجواء الإيمانية فترة طويلة مما يضعف الإيمان في النفس، كما يقول الله -سبحانه وتعالى-: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ (سورة الحديد: الآية 16)، فدلت الآية الكريمة على أن طول الوقت في البعد عن الأجواء الإيمانية مدعاة لضعف الإيمان في القلب.
فالمؤمن يستمد من إخوانه قوة قلبه، وهو قليل بنفسه كثير بإخوانه، وكان الحسن وأبو قلابة يقولان: إخواننا أحب إلينا من أهلينا وأولادنا، لأن أهلينا يذكرونا الدنيا وإخواننا يذكرونا الآخرة، وقال أحدهما: لأن الأهل والولد من الدنيا والإخوان في اللّه عزّ وجلّ من آلة الآخرة ".
وهذا الابتعاد إذا استمر يخلف وحشة تقلب بعد حين إلى نفرة من تلك الأجواء الإيمانية، يقسو على أثرها القلب ويظلم، ويخبو فيه نور الإيمان. وهذا مما يفسر حدوث الانتكاسة لدى البعض في الإجازات التي يسافرون فيها أو عقب انتقالهم إلى أماكن أخرى للعمل أو الدراسة.
لذا أوصانا الله - سبحانه وتعالى - بزيارة الصالحين وملازمتهم بغية الانكباب على الطاعة والتباري بالاجتهاد فيها، فقال -سبحانه وتعالى-: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ (سورة الكهف: الآية 28).
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.