أمراض يعالجها النحاس هل تعرفها
بسم الله الرحمان الرحيم
عودة إلى الزمن القديم والعلاج بالنحاس
عرف الانسان منذ القدم استخدام النحاس مبكرا لسهولة حصوله عليه غير مختلط بسواه ، ففي حضارتي مصر وسورية القديمتين كان يوصى بارتداء أساور النحاس للوقاية من لين العظام ومن الصرع. وفي الطب الصيني القديم كان يُشار إلى استخدام إبرة من "المعدن الأحمر" - أي النحاس - للتنشيط والتحفيز. وكان الفلاسفة اليونانيون، وخاصة الفيلسوف الطبيب "أنبادوقليس" يرتدي صندلا من النحاس لعله هو الذي وقاه من وباء الكوليرا التي كان شائعا معالجتها والوقاية منها بالنحاس. كما أن أرسطو طاليس كان يعمد - بعد يوم عمل شاق - إلى النوم وفي راحته كرة من النحاس تمتص تعبه أو تبثه العافية. وفي القرنين العاشر والحادي عشر كان الطبيب والفيلسوف المسلم "ابن سينا" واضع كتاب "القانون" الذي ظل المرجع الرئيسي لأطباء المسلمين حتى القرن التاسع عشر والذي ظل الغربيون يستعينون به في حضارتهم لأكثر من خمسمائة عام كان ينصح بتناول مسحوق النحاس عند كسور العظام وكان يضع رقائق النحاس على الجروح المتقيحة حتى تبرأ. وهو ما استمر متوارثا في ذاكرة الطب الشعبي الذين يظل اتصالهم بالقديم حيا. فقد ظل القرويون والرعاة في أماكن عديدة من الأرض يعطون برادة النحاس لحيواناتهم المصابة بالكسور وأيضا للحيوانات التي تصاب بالإسهال وحئول لون الفراء وتقصفه، وهو ما يعزى إلى نقص النحاس.
كما أن شعوبا كثيرة في الشرق مازالت تضع (خلاخيل) النحاس وأساوره في أقدام وأيادي الأطفال لتساعدهم عند (التسنين). ويمضي الزمان بالنحاس، ويتقدم، ومع ذلك لا يصدأ نفعه، بل ينجلي، وتعود حقائقه الطبية القديمة لتدهشنا، حتى لنتساءل عن منبع الحكمة القديمة التي رأت ببسيط إمكاناتها ما نعود إلى رؤيته الآن مستخدمين أعقد وسائل التكنولوجيا، فننبهر ونتعجب.
حضور في زماننا
بدأ الاهتمام بدور النحاس في الطب المعاصر في أواخر عشرينيات هذا القرن وبالتحديد عام 1928 عندما ثبت أنه بدون قليل من عنصر النحاس يعجز الجسم عن تكوين كرات الدم الحمراء، حيث يرتبط التمثيل الغذائي للحديد بالتمثيل الغذائي للنحاس. وثبت كذلك أن النحاس هام لتكوين الإنزيمات اللازمة لنمو العظام. كما يعتقد أن النحاس يدخل في تركيب صبغة الميلاتين الملونة للجلد والشعر وكذلك الحامض الريبو نووي، والبروتين الداخل في تركيب كل خلية. هذه الوظائف جميعها، وغيرها مما لم يكتشف بعد، تقوم على قدر ضئيل من النحاس يصل المطلوب منه للإنسان البالغ يوميا ما بين 1.5 - 2 من الملليجرامات ليحافظ على محتوى الجسم من النحاس وقدره 100 - 150 ملليجراما. ويكون التركيز الأقصى للنحاس في المخ والكبد.. أي في مركز الإدارة العليا للجسم، وفي أعظم مصانعه، ولعل هذا يشير إلى خطورة الدور الذي تقوم به هذه الكمية الضئيلة من النحاس في الجسد الإنساني. ولأننا لا نريد هنا أن نتوقف عند اختلالات عنصر النحاس التي يمكن إصلاح بعضها عن طريق إعطاء النحاس منفردا أو مع مركبات أخرى بالفم أو بالحقن وهو ما يدخل في حقل الطب الغربي المعروف. بينما هدفنا الطب الآخر - البديل الذي يعتمد على العلاج بطرق طبيعية - فإننا سنقصر الحديث على دور النحاس عندما يستخدم في العلاج الموضعي.. من الخارج في صورة رقائق معدنية أو أقراص أو كريات أو أساور، إلى غير ذلك من أشكال النحاس الأحمر عند ملامسته للجلد.. فماذا يفعل؟
الأستخدام الموضوعي
لقد عرفنا عبر التفاتتنا إلى الزمن القديم أن استخدام النحاس ليلعب دوراً علاجيا عبر ملامسته للجلد ليس اكتشافاً جديداً.. ولقد ثبتت عدة حقائق أولاها أن مجرد ملاصقة النحاس للجلد يولد تيارا كهربيا دقيقا جدا مثل التيار المتولد في الحد الفاصل عند تلامس وسطين مختلفين موصلين بالكهرباء. ثم تبين أن النحاس على الجلد يعطي شحنة مقوية ومحفزة لأنه يعمل كقطب سالب (كاثود)،
بينما الفضة مثلا تعطي شحنة مهدئة لأنها تعمل كقطب موجب (آنود).
ويعزى هذا التأثير في النحاس إلى سهولة حركة ألكتروناته الحرة. وهذا ليس بغريب على المعدن الذي يطلقون عليه لقب "معدن الكهرباء الأعظم" لاتساع رقعة استخدامه في الأجهزة الكهربية والألكترونية. بعد ذلك تلعب شحنة هذا التيار الدقيق المتولد على الجلد دور المثير للمستقبلات العصبية التي تنقل الرسالة الكهربية عبر الأعصاب والحبل الشوكي إلى المراكز العليا في المخ فيتكون الرد على الرسالة ويحدث تفاعل منعكسي Reflex في العضو أو المنطقة المرتبطة بالنقطة المثارة على الجلد، وتنبعث الطاقة الكامنة لرد المرض عن هذا العضو أو هذه المنطقة.
بحيث يتم تعمير العضو المريض بالكهرباء الاستاتيكية، . وهذا التفسير لكيفية عمل أقراص النحاس ينطبق أيضا على عمل الأساور النحاسية المنتشرة عالميا، إضافة لهذا التأثير الكهربي المنعكسي فقد ثبت أخيرا أن الجلد لديه القدرة على امتصاص القليل من النحاس الموضوع عليه خاصة عندما يعرق. فما الذي يعالجه هذا النحاس؟انه يعالج: إجهاد العضلات وتقلصها، والصداع، والوهن العصبي، وآلام العضلات والأعصاب الطرفية المزمن، والتهاب جذور الأعصاب، والتهاب المفاصل الروماتيزمي، والتهاب بطانة الشرايين. إضافة للدور الوقائي من التهابات الجهازين التنفسي والهضمي،. فهي إيجابية عندما يكون هناك احتياج لتأثير هذا العنصر، ويمكن معرفة ذلك بإجراء اختبار بسيط تلبس اسورة من النحاس وتترك لمدة 6 - 8 ساعات في اليد ثم ترفع وينظر إلى الأثر الذي تتركه الرقيقة، فإذا كان بقعة داكنة فهذا يشير إلى إمكان العلاج بالنحاس. وعموما لا ينبغي إلصاق الأقراص أكثر من يومين على الجلد. أما الأساور فننصح بخلعها ليلا حتى لا تسبب الأرق أو التوتر في بعض الحالات..
منقول
ــــــــــــــــــــــــــ