بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن مسألة مواجهة كيد الشيطان من أعقد مسائل المواجهة،
وذلك لأن هذا العدو اللدود،يجمع بين،الخفاء،والخبث، والخبرة،
يرانا هو وقبيله من حيث لا نراه،يعيش حالة الحسد المتأصل لبني آدم،ومن هنا أضمر الحقد الدفين لاستئصال الجنس
البشري،وسوقه إلى الهاوية،ومن ناحية أخرى له تلك الخبرة العريقة فى عملية الإغواء،والتي شملت محاولات التعرض
لمسيرة الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام،وإن باءت بالفشل بالنسبة لهم،ولكن ما حالنا نحن الضعفاء،
إن القرآن الكريم حذر من الشيطان الرجيم،فينقل تحديه لرب العالمين،إذ أقسم بعزته على إغواء الخلق أجمعين،لا يستثني
منهم أحدا إلا المخلَصين،ولكن من هم المخلصون،إنهم الذين اصطفاهم المولى لنفسه،وجعلهم فى دائرة جذبه وحمايته،
وترى القرآن الكريم ينقل عنه التعبير ب(لاحتنكن ذريته)بأنه يتخذ من الإنسان دابة،إذ يجعل اللجام في حنكه الأسفل، ليقوده
قود البهائم،فياله من تشبيه عظيم لمن ركبه الشيطان،
فاتخذه مطية يحركه بإشارة،لا بجهد جهيد،نحو اليمين ونحو
الشمال،وهل هناك تشبه،أعظم من ذلك،إن القرآن الكريم يحذر من خطوات الشيطان،إذ أنه لخبرته ودهائه،لا يجر الإنسان إلى
المعصية بضربه واحدة،لعلمه بعدم الإنقياد له في المحرمات الكبيرة،ولكنها الخطوات المدروسة التي يتورط بها العبد، منتقلاّ
من معصية إلى معصية،ومثاله التطبيقي في عالم هوى النساء،هو الابتداء بالنظرة، ثم الابتسامة، والسلام، والكلام،
والموعد، واللقاء حيث الارتماء في أحضان الشيطان المنتقم،
ولا بد من التعرف على الأدوات التي يصطاد بها الشيطان
أعوانه،فالقرآن الكريم يذكر الخمر والميسر مثالاّ لأداة الجريمة، كما في قوله تعالى(إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة
والبغضاء،في الخمر والميسر)أو ليست بعض القنوات والمواقع الإباحية،من أدوات إيقاع الشيطان الضحية في شباكه،تلك
الشباك التي من وقع فيها لا يخرج منها إلا بندامة،أو بخزي أبدي فيما لو استغرق في التوغل في عالم المعصية،إن الذي
ينظر إلى مصائد إبليس،فإنه سيستوحش من عواقبها،
بدلا من الإ لتذاذ الوقتي الذي لا دوام له سوى وخز الضمير،
وعذاب الوجدان،والذي آتاه الله تعالى آياته،ولكنه خلد إلى الأرض، واتبع هواه،وانسلخ مما كان فيه، ليتحول إلى من
يشبهه القرآن بالكلب،الذي إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث،يذكر القرآن الكريم (الربا) كوسيلة من وسائل التصرف
الشيطاني في الإنسان،فيقلبه إلى مجنون لا عقل له،فتأمل قوله تعالى(الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه
الشيطان من المس)إن المرابي عندما يستلقي على قفاه فرحا بما اكتسبه من المال الحرام،عليه أن يعلم أن فعلته مقيتة،وأولاد
الزنا الذين انعقدت نطفهم،فى جو شيطاني من الهوى والرذيلة،وأولاد الحلال الذين لم يحسن الآباء تربيتهم، فكانوا
كالطائفة الأولى ممن أصبح الشيطان له سهم فيهم،إن للشياطين على الأرض مواطن يجول فيها ويصول،ومنها،الأسواق،وبلاد
الكفر،ومواطن غلبة المعاصي كاختلاط الجنسين،فعلى المؤمن أن يتدرع بأقوى الأسلحة قبل النزول إلى تلك المواطن،لئلا تطمع
فيه الشياطين،ومن تلك المواطن،مجالس الغافلين المسترسلين في الباطل الذين قال عنهم القرآن الكريم(وإما ينسينك الشيطان
فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين)ولا ينبغي اليأس من الشيطان أبداّ،فإما أولاّ،ليسعى الإنسان أن يلقن نفسه عداوة هذا
الشيطان الذي لا يترك الإنسان بحال،وثانياّ،ليستكشف مواطن الضعف في نفسه،إذ أن لكل إنسان نقطة ضعف ينفذ من خلالها
الشيطان،ومن تلك المنافذ،النساء، والغضب، والمال، والشهرة،وثالثا،ليشتد التجاؤه إلى المولى الذي لم يخرج
الشيطان من دائرة عبودية،إذ ناصيته بيده على كفره وعناده،فهل تعوذنا بصدق وتضرع، بالاستعاذات اليومية، كما كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم،قال سعيد بن جبير،الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس له،وإذا ذكر الله خنس،وأمرنا الله بأن لا نخاف من
أولياء الشيطان ، كما جاء في قوله تعالى في سورة آل عمران(إنما ذلكم الشيطان يخوف أوليائه فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين)فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه الخوف من أولياء الشياطين،ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، ومن تولَّى الله فنعم المولى ونعم النصير،ألا إن
أولياء الله لا خوف عليهم ولا يحزنون ،فإنه سبحانه جعل العز لمن أطاعه والذل لمن عصاه قال تعالى :
(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )المنافقون.