ما أحوج الانسان الى الزاد ، والتأهب ليوم المعاد ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئا ، والأمر يومئذ لله ..
في حياتنا اليومية ، لاينسى أحدنا نصيبه من زاد الدنيا .. فالكل مقبل على ما يملأ بطنه من شهي المطعم ، وما يغطي بدنه من جميل الملبس ، وما يزين به بيته من فاخر الأثاث ، وما يقتنيه من جديد السيارات ومختلف الأدوات والمبتكرات والمخترعات ، ويتنافس الجميع في ذلك تنافسا كبيرا ..
فهلا فكرنا لحظة من اللحظات ، ونحن غرقى هذا الكم الهائل من الملهيات ، أننا تاركوها جميعا في لحظة من ليل أو نهار ، وسائرون على درب طويل صعب كئود ، وراحلون الى الى ديار ليست كهذه الديار ، إلى جنة أوإلى نار ؟
إنه لابد من التزود ، ولا مناص من التزود ، ولا غنى عن التزود ليوم " تشخص فيه الأبصار ولزلزلة الساعة [ يوم ترونها ، تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، و تضع كل ذات حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد ]
فالزاد الزاد ليوم التناد .. { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ، واتقون يا أولي الألباب }
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه سأل سيدنا أبا ذر، فقال : { يا أبا ذر .. لو أردت سفرا ، أعددت له عدة ؟ } قال : نعم .. قال : { فكيف بسفر طريق القيامة ، ألا أنبئك بما ينفعك ذلك اليوم ؟ } قال : نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله . قال :
·صم يوما شديد الحر ليوم النشور
·وصل ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور
·وحج حجة لعظائم الأمور
·وتصدق بصدقة على مسكين
·أو كلمة حق تقولها
·أو كلمة شر تسكت عنها
إنها دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الينا جميعا ، لنفيق من غفلتنا ، ولنتأهب ولنتزود لرحلة لا نعرف أوان بدئها ، أومكان انطلاقها ، حيث يصدق فيها قول الله تعالى [ وما تدري نفس بأي أرض تموت }
إنها دعوة للتزود :السريع غير المؤجل ، والدائم غير المنقطع ، والكثير غير القليل ، وما أكثر الزاد على طريق القيامة ..
·فإماطتك الأذي عن الطريق زاد
·وابتسامتك في وجه أخيك زاد
·ومشيك في حاجة أخيك زاد
·والانفاق من مالك على الفقراء زاد
·والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر زاد
·ودعوة الناس الى الاسلام زاد
·وقراءة القرآن ، والاقبال على العلم زاد
·والتفكر في خلق السموات والرض زاد
·وإصلاح ذات البين زاد
·وطاعة الوالدين وبرهما زاد
·وكلمة الحق تقولها أو تكتبها زاد
·والجهاد بالنفس والمال زاد
·وترك المعاصي والاقبال على الطاعات زاد
إنه لاحصر ولا عد لما يمكن أن نتزود به على دروب الجنان ، { قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ، ولو جئنا بمثله عددا } { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها }
نسأل الله تعالى الهدى والسداد ، والاستقامة والرشاد ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الأخيار وصحبه الأبرار ، وسلم تسليما كثيرا ..
م/ن