جاء نفر من المؤمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..يعرضون أنفسهم عليه ليجاهدوا معه .. وكانوا فقراء لا يملكون شيئا ، ولا عندهم بعير يحملهم ..و كذلك ليس عند رسول الله ما يحملهم عليه ، فأعفاهم من القتال لعذرهم ..لكنهم ما استطاعوا أن يتحملوا ذلك !! أخذوا يبكون على فوات فرصة الجهاد بالنفس و المال !! مع كونهم معذورين عذرا شرعيا مباشرا من رسول الله ..لكن تاقت النفوس إلى البذل و إلى الجهاد ..تاقت إلى الجنة .. أنزل فيهم ربنا : ( وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92) التوبة . طراز فريد عجيب من البشر .
بل انظر إلى أحدهم ..( علبة بن زيد ) رضي الله عنه .. تولى وهو يبكي ، ثم ذهب إلى بيته .. ولما جاء الليل قام يصلي و يبكي و يقول : ( اللهم إنك قد أمرت بالجهاد .. ورغبت فيه ..ثم لم تجعل عندي ما أتقوى به مع رسولك ، ولم تجعل في يد رسولك ما يحملني عليه .. و إني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض ) أرأيتم يا إخوة ..بماذا يتصدق ؟ يتصدق من حسناته ..هذه الأنواع من الأذى التي لحقت به من إخوانه ..ستتحول إلى حسنات يوم القيامة ، هو لايملك شيئا من مال أو بعير ..فيتصدق بالشيء الوحيد الذي يملكه ..يتصدق بحقه على إخوانه !!
ثم أصبح علبة بن زيد مع الناس ، وذهب إلى صلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..و بعد الصلاة ، قال النبي : ( أين المتصدق هذه الليلة؟) فلم يقم إليه أحد ..ثم قال : ( أين المتصدق؟فليقم!) فقام إليه علبة ، فأخبره النبي : ( أبشر ..فوالذي نفس محمد بيده ..لقد كتبت في الزكاة المتقبلة ) إنه الصدق مع الله يقابل بكرم من الله ..حمية حقيقية للدين .. حتى و إن كان فقيرا معدما .. وسخاء و عطاء ، ورحمة من إله رحيم حنان منان ..سبحانه وتعالى