بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على من ولاه
وبعد فاني افرغ هذه الكليمات للحديث عن حكم البحث عن الدفائن ولكن لا بد من النظر الى ان كل شيء خلقه الله في الارض هو مسير لمصلحة الانسان وقد قال الله تعالى
الم تر ان الله سخر لكم ما في الارض
الحج 65
قال لالوسي في تفسيره
أي جعل ما فيها من الأشياء مذللة لكم معدة لمنافعكم تتصرفون فيها كيف شئتم
وقال عز من قائل
وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون
الجاثية 13
وقال هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا
البقرة 29
وقال تعالى
الم روا ان الله سخر لكم ما في السموات وما في الارض واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة
لقمان 20
وقال مقاتل: الظاهرة تسوية الخلق والرزق والإِسلام
فاعلم اخي في الله ان الله سبحانه وتعالى قد يسر كل شيء على وجه الارض او ما في باطنها لخدمة الانسان من اجل ان يسعد لعبادة الله سبحانه وايضا طلب الله من البشر في السعي من اجل تحصيل الرزق الذي كتبه الله لهم فقال تعالى
او لم يسيروا في الارض فينظرو كيف كان عاقبة الذين من قبلهم
فاطر 44
يقول تعالى: قل يامحمد لهؤلاء المكذين بما جئتهم به من الرسالة: سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين كذبوا الرسل، كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، فخلت منهم منازلهم، وسلبوا ما كانوا فيه من نعيم بعد كمال القوة وكثرة العدد والعدد، وكثرة الأموال والأولاد تفسير ابن كثير
وقال تعالى
هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور
الملك14
قال الطبري
وأولى القولين عند بالصواب قول من قال: معنى ذلك: فامشوا في نواحيها وجوانبها، وذلك أن نواحيها نظير مناكب الإنسان التي هي من أطرافه.
وقوله: وكُلُوا مِنْ رزْقِهِ يقول: وكلوا من رزق الله الذي أخرجه لكم من مناكب الأرض، وَإلَيْهِ النُّشُورُ يقول تعالى ذكره: وإلى الله نشركم من قبوركم.
والايات كثيرة والمعاني غزيرة دل على ان الله سبحانه وتعالى قد خلق الارض من اجل ان يعبد عليها لذا وفر له اسباب المعيشة واساب المعيشة كثيرة جدا واسباب الرزق كثيرة جدا وكلها مباحة والاصل فيها الجواز الا ما جاء الدليل على حرمته او كراهته او ذريعة للحرمة لان الوسائل تأخذ حكم المقاصد
لذا اعلم ان حكم البحث عن الدفائن ينقسم الى قسمين
الاول
ما هو حكم البحث والنقيب والمشي والسعي واللهث وراء الدفائن
الثاني
ما هي احكام الاشياء المستخرجة من باطن الارض
اما المسئلة الاولى وهي ما حكم البحث عن الدفائن ؟
اعلم ان حكم البحث عن الدفائن الاصل فيه الاباحة والجواز الا ما دل الدليل على حرمته فمن قال بالحرمة او الكراهة نطالبه بالدليل وهذا الحكم من حيث الجملة والعموم لان الاصول الشرعية بيح هذا الامر ويبقى الامر على اصله وهذا من حيث الجملة
اما من حيث التفصيل فانني اقول قولا واخشى فيه المعركة واللائمة وهو ان الحكم التفصتيلي للبحث عن الدفائن فانه تجري فيه الاحكام الخمسة وكل واحد بحسب حاله فلا نستطيع ان نعمم الحكم على كل من بحث عن الدفائن لاختلاف الناس واختلاف مقاصدهم واختلاف تجاربهم واختلاف اساليبهم فاني والله ارى ان الحكم على كل الاشخاص بحكم واحد فانه حكم ظالم وانني لا اروج لبضاعة هولاء الناس بل الحق احق ان يتبع ولا اخفيكم ان الحكم للغالب والنادر لا حكم والغالب في هذا المجال ان كذبه اكثر من صدقه وان وهمه اكثر من حقيقته وان الدجل والشعوذة فيه قد اتنشر وعمت فالى الله المشتكى والمقصود والحكم على ما يجري من هذا القبيل فانه يحرم وايضا ان الحكم في بعض الاشخاص الذين يبحثون عن الدفائن انه يحرم بحقهم ويكره لاخرين ويجب على اخرين ويباح لاخرين وهكذا فكل واحد له حكم خاص بناء على مقصده واسلوبه وطريقته في البحث واني ادعوا الله ان ابين هذه الطرق اي الشرعية منها والغير شرعية والحقيقية وغيرها والله اعلم
الخلاصة :
حكم البحث عن الدفائن من حيث الاصل انه جائز ومباح وهذا مجمل
اما المفصل فان كل من بحث عن الدفائن له حكم خاص به والحكم يكون على الطريقة المتبعة او الاسلوب المتبع والمقصد والمنهج في السعي وراء الدفائن والحكم المفصل تجري فيه الاحكام الخمسة والله اعلم
لقد تم الاجابة على القسم الاول وتبقى الاجابة على القسم الثاني والمقصود منها ما يخرج من الارض وهو على قسمين ايضا
الاول :
وهو ما يسمى الركاز
والثاني :
ما يكون من غير الركاز ويشمل المعادن والنحاس والحديد والتماثيل وامور كثيرة غير هذه
أما الركاز من ركز الشيء بمعنى اركزه اي وضعه وله معاني كثيرة قال ابن منظور في لسان العرب
ركز: الرَّكْزُ غَرْزُكَ شيئاً منتصباً كالرمـح ونـحوه تَرْكُزُه رَكْزاً فـي مَرْكَزه، وقد رَكَزَه يَرْكُزُه ويَرْكِزُه رَكْزاً ورَكَّزَه: غَرَزَه فـي الأَرض؛ وأَنشد ثعلب:
وأَشْطانُ الرِّماحِ مُرَكَّزاتٌ،
وحَوْمُ النَّعْمِ والـحَلَقُ الـحُلُولُ
والـمَراكِزُ: منابت الأَسنان. ومَرْكَزُ الـجُنْدِ: الـموضع الذي أُمروا أَن يلزموه وأُمروا أَن لا يَبرَحُوه. ومَرْكَزُ الرجل: موضعُه: يقال: أَخَـلَّ فلانٌ بِمَرْكَزِه.
وارْتَكَزْتُ علـى القوس إِذا وضعت سِيَتها بالأَرض ثم اعتمدت علـيها. ومَرْكَزُ الدائرة: وَسَطُها.
والـمُرْتَكِزُ الساقِ من يابس النبات: الذي طار عن الورق.
والـمُرْتَكِزُ من يابس الـحشيش: أَن ترى ساقاً وقد تطاير عنها ورقها وأَغصانها.
ورَكَزَ الـحَرُّ السَّفا يَرْكُزه رَكْزاً أَثبته فـي الأَرض، قال الأَخطل:
فلـما تَلَوَّى فـي جَحافِلِه السَّفا،
وأَوْجَعَه مَرْكُوزُه وذَوابِلُهْ
وما رأَيت له ركْزَةَ عَقْلٍ أَي ثَباتَ عقل. قال الفراء: سمعت بعض بنـي أَسد يقول: كلـمت فلاناً فما رأَيت له رَكْزَةً؛ يريد لـيس بثابت العقل، والرِّكْزُ: الصوتُ الـخفـيُّ، وقـيل: هو الصوت لـيس بالشديد. قال وفـي التنزيل العزيز: {أَو تَسْمَعُ لهم ركْزاً{}؛
وفـي حديث ابن عباس فـي قوله تعالـى: {فَرَّت من قَسْوَرَةٍ}، قال: هو ركْزُ الناس، قال: الرِّكْزُ الـحِسُّ والصوت الـخفـي فجعل القَسْوَرَةَ نفسها رِكْزاً لأَن القسورة جماعة الرجال، وقـيل: هو جماعة الرُّماة فسماهم باسم صوتهم، وأَصلها من القَسْرِ، وهو القَهْرُ والغلبة، ومنه قـيل للأَسد قَسْوَرَةٌ.
والرِّكازُ: قِطَعُ ذهب وفضة تـخرج من الأَرض أَو الـمعدن.
وفـي الـحديث: وفـي الرِّكاز الـخُمْسُ. وأَرْكَزَ الـمَعْدِنُ: وُجِدَ فـيه الرِّكاز؛ عن ابن الأَعرابـي. وأَرْكَزَ الرجلُ إِذا وَجد ركازاً. قال أَبو عبـيد: اختلف أَهل الـحجاز والعراق، فقال أَهل العراق: فـي الرِّكاز الـمعادنُ كلُّها فما استـخرج منها من شيء فلـمستـخرجه أَربعة أَخماسه ولبـيت الـمال الـخمس، قالوا: وكذلك الـمالُ العادِيُّ يوجد مدفوناً هو مثل الـمعدن سواء، قالوا: وإِنما أَصل الركاز الـمعدنُ والـمالُ العادِيُّ الذي قد ملكه الناس مُشَبَّه بالـمعدن، وقال أَهل الـحجاز: إِنما الركاز كنوز الـجاهلـية، وقـيل: هو الـمال الـمدفون خاصة مـما كنزه بنو آدم قبل الإِسلام، فأَما الـمعادن فلـيست بركاز وإنما فـيها مثل ما فـي أَموال الـمسلـمين من الركاز؛ إِذا بلغ ما أصاب مائتـي درهم كان فـيها خمسة دراهم وما زاد فبحساب ذلك، وكذلك الذهب إِذا بلغ عشرين مثقالاً كان فـيه نصف مثقال، وهذان القولان تـحتملهما اللغة لأَن كلاًّ منهما مركوز فـي الأَرض أَي ثابت.
يقال: رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ