بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من اّداب الزيارة
من الآداب المهمة في الزيارات أن الضيف إذا دخل مكاناً وجب عليه أن يجلس حيث انتهى به المجلس،ولا يشق الصفوف والمقاعد ليجلس في
مكان ربما قد خصّص لغيره،وقد كان الصحابة يجلسون حيث ينتهي بأحدهم المجلس،فعن جابر بن سمرة قال(كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه
وسلم،جلس أحدنا حيث ينتهي،الترمذي،وأنه لا يتقدم على أحد تأدّباً وتركاً للتكلّف،ومخالفة لحظ النفس من طلب العلو كما هو شأن أرباب
الجاه،شرح الترمذي،ومن الآداب الرفيعة في ديننا أن لا يتجرّأ أحد على أحد في مجلس،ويقيمه من مكانه مهما علا شأن الثاني ونزل شأن
الأول،فعن ابن عمر رضي اللَّه عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال(لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه)متفق عليه،فلا يقيم
الرجل أخاه،لأنّه إن فعله من جهة الكبر كان قبيحاً، وإن فعله من جهة الأثرة كان أقبح،شرح البخاري،وقد يطول المجلس فيضطر أحدهم أن
يخرج إلى الغائط، أو قد يعرض لأحد الجالسين أمر يجبره على الخروج خارج الغرفة ثم يعود،ومن المفاجأة غير السارة أن يخرج الرجل ثم يعود
فيرى مكانه الذي كان فيه قد جلس فيه غيره،فيحرج الرجل ولا يعرف ماذا يتصرف، في مثل هذا الحالات الدقيقة يتدخل الإسلام ليضع نصّاً ظاهراً
وواضحاً يفصل فيه هذا النزاع ويزيل هذا الحرج فعن أَبي هريرة أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم،قال (إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو
أحق به)مسلم،وقد يدخل الإنسان إلى مكان مكتظ بالضيوف فلا يجد إلا فرجة بين اثنين، فيجلس بينهما دون إذن منهما ويقطع حديثهما ويدخل
الحرج عليهما،فقد يكون بين الاثنين حديث خاص بينهما لا يحبان أن يطلع عليه أحد،أو بينهما ودّ لا يحب لأحد أن يفسده لذلك نهى النبي صلى
الله عليه وسلم عن ذلك فقال(لا يجلس بين رجلين إلا يإذنهما)أبو داود،وعن ابن عمر ؤضي الله عنهما يقول،نهى النبِي صلى الله عليه
وسلم،أن يقيم الرجل أخاه من مقعده،ويجلس فيه إلا بإذنهما) لأنه قد يكون بينهما محبة ومودة وجريان سر وأمانة فيشق عليهما التفرق
بجلوسه بينهما،شرح الترمذي)ومن العادات السيئة عند بعض الناس أنه إذا دخل مكاناً أطلق بصره يمنة ويسرة،وسمح لعينيه أن تنظر ما وراء
الستائر أو الزجاج وهو بذلك يخون نفسه إذ يخون أخاه المسلم، ومثل هذا الرجل لا يستحق أن يؤمن عليه ليدخل إلى البيت فربما غافل صاحب
البيت ونظر إلى عورات بيته لذلك ورد الحديث الشريف أن لا يصاحب الإنسان إلا مؤمناً،فعن أبي سعيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول(لا تصاحب إلا مؤمناّ،ولا يأكل طعامك إلا تقي)رواه الترمذي،وعن عمر بن الخطاب أنه قال(من ملأ عينيه من قاعة بيت فقد فسق)تفسير
القرطبي،من العيوب الظاهرة في الزيارات أن يجلس الضيف في المكان المخصص لصاحب البيت، فيحرج الرجل من هذا الضيف،وماذا يقول له،
فيؤدي ذلك إلى شحناء في صدره،وإن لم يبدها أو يظهرها، لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ،فقال(ولا يؤمن الرجل الرجل
في سلطانه،ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه)رواه مسلم،التكرمة،هي الموضع الخاص لصاحب البيت أو العمل كالفراش
والمكتب،في بعض الأشخاص صفة سيئة تتمثل بفرضه حديثه الذي يدور في رأسه بمجرد دخوله على أصدقائه،فيقطع حديثهم لينتقل إلى حديث
آخر دون إذنهم أو مشورتهم،فتحصل بذلك فجوة بين الأطراف،وكم من إنسان استأذن بالخروج من المجلس وكم من رجل قاطع آخر لأنّه قطع
حديثه دون إذنه،ومن عيوب بعض المجالس أن يكثر فيها الهمس المزعج والذي يتمثل بالمحادثة الخفية بين طرفين مع وجود الطرف
الثالث الذي يحزنه هذا الفعل ويؤلمه،ويعتبر نفسه غريباً عن المتناجين فيحزنه هذا التناجي،وبذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إذا كنتم
ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما،فإن ذلك يحزنه)متفق عليه،من الأمور المهمّة في ديننا عدم الإلحاح على القادم أو المغادر عن سبب
تأخره أو ذهابه المبكّر،إذ يعتبر عدم سؤال المرء فيما لا يعنيه من حسن الإسلام ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من حسن إِسلام المرء تَركه
ما لا يعنِيه)رواه الترمذي،من الآداب الإسلامية احترام الكبير وأهل الفضل فنبدأ الضيافة من عندهم، ثم نتبع يمين الكبير أو صاحب الفضل،وهذا
توقيرٌ للكبير واعتراف بأهل العلم وأهل الفضل،فعن عبادة بن الصامت ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(ليس من أمتي من لم يجلّ كبيرنا
ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقّه) رواه أحمد،في المثل (صغير القوم خادمهم) فهو يسعى بين أيديهم يقدم لهم الطعام والضيافة ولا بد أن نربي
أولادنا على ذلك،وفي كل مجلس قد يكثر اللغط واللهو والمزاح وتبادل الأحاديث التي قد لا تعتبر نافعة،ولذلك وجه الإسلام أن يحفظ المسلم دعاء
ختام المجلس الذي يمحو ما كان في المجلس من خطأ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه،فقال قبل أن
يقوم من مجلسه ذلك( سبحانك اللهم وبحمدك ،أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك)إلا غفر له ماكان في مجلسه ذلك،رواه الترمذي.