إن ما اكتشف من إعجاز علمي في القرآن و السنة مذهل يفوق العقل البشري ، فهذا يزيد المؤمن إيمانا و الموقن يقينا ، ومن بين هذه المعجزات معجزة الماء فقد ذكر هذا الأخير في القرآن الكريم 63 مرة ، وعلى الرغم من وجود الكثير من مصادر وينابع مختلفة للمياه وفي مختلف بقاع الأرض، إلا أن ماء زمزم يعتبر خير ماء على وجه الأرض . روى الطبراني و ابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم ، في طعام الطعم ، شفاء السقم ) – رواة الحديث ثقاة كما قال المنذري – وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ماء زمزم في الأداري و القرب ، وكان يصب على المرضى و يسقيهم ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ماء زمزم لما شرب له ) يعني أنه متعدد و كثير الفوائد وأن لكل إنسان نيه في شربه لماء زمزم ، و كأن شرب هذا الماء نوع من العبادة ، وماء زمزم سيد المياه كمال قال بعض العلماء : ' ماء زمزم سيد المياه ، و أشرفها ، و أجلها قدرا ، و أحبها إلى النفوس ، و أغلاها ثمنا ، و أنفسها عند الناس ...... " – ابن القيم في زاد المعاد – وزمزم بزايين مفتوحتين – إسم للبئر المشهورة في المسجد الحرام ، بينهما و بين الكعبة المشرفة ثمان وثلاثون دراعا . وسميت زمزم ، لكثرة مائها ، يقال زمزم و زمزوم إذا كان كثيرا ، وقيل لاجتماعها ، لأنه لما فاض الماء على وجه الأرض قالت هاجر للماء : زم ، زم أي : اجتمع يا مبارك ، فاجتمع فسميت زمزم ، وقيل لأنها زمت بالتراب لئلا يأخذ الماء يمينا وشمالا ، فقد ضمت هاجر ماءها حين انفجرت وخرج منها الماء وساح يمينا وشمالا فمنع بجمع التراب حوله . وروى ( لولا أمكم هاجر حوطت عليها لملأت أودية مكة ) . ولزمزم أسماء أخرى كثيرة منها : طيبة ، وبرة ، ومضنونة ، وسقيا الله إسماعيل ، وبركة ، وحفيرة عبد الله ، وزمزم هي بئر إسماعيل ابن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ، التي سقاه الله تعالى منها حين ظمئ و هو صغير ، فالتمست له أمه ماء فلم تجده ، فقامت إلى الصفا تدعو الله تعالى وتستغيثه لإسماعيل ، ثم أتت المروة ففعلت مثل ذلك ، وبعث الله تعالى جبريل عليه السلام فهمز له بعقبه في الأرض فظهر الماء . وماء زمزم قد دلت الأحاديث الصحيحة على انه ماء شريف وماء مبارك وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في زمزم ( إنها مباركة إنها طعام طعم ) وزاد في رواية عند أبي داود بسند جيد ( وشفاء سقم ) قال صلى الله عليه وسلم ( ماء زمزم لما شرب له فإن شربته تستشفي به شفاك الله ، وإن شربته مستعيذا أعذك الله ، وإن شربته لتقطع ظمأك قطعه الله ، و إن شربته لشبعك أشبعك الله ، و هي هزمة جبريل ، وسقيا إسماعيل ) . وروى ابن ماجة في سننه قال : حدثنا هشام ابن عمار حدثنا الوليد ابن مسلم قال : قال عبد الله ابن المؤمن أنه سمع أبى الزبير يقول : سمعت جابرا ابن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ماء زمزم لما شربت له )
كيفية الاستشفاء بماء زمزم
ماء زمزم يستخدم لاستشفاء بشرط سلامة القلب وحسن التوكل على الله و الثقة بقدرة الله . عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ماء زمزم في القرب و كان يصب على المرضى ويسقيهم ) . ومن هذا الحديث يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقة التداوي بماء زمزم بأن يصب الماء على المريض و الغسل أيسر وبعد ذلك يشرب من الماء ما ستطاع وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج به الحمى حيث قال : ( الحمى من فيح جهنم ، فأبردوها بالماء ) أو قال بماء زمزم ، وهذا ما نفعله اليوم مع أي شخص مريض بالحمى فأول النصائح هي وضع الكمادات الباردة حيث أن المسكنات لا تقوم بعملها إلى أن تصل الحرارة إلى مستوى معقول حوالي 39 درجة مئوية .
أداب شرب ماء زمزم
ومن أداب شرب ماء زمزم التضلع به - والتضلع هو أن تشرب حتى لا يبقى للماء مكان تستطيع الإضافة إليه - وهو من علامات الإيمان أخرج بن ماجة عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال كنت عند ابن عباس جالسا فجاءه رجل فقال من أين جئت قال من زمزم قال فشربت منها كما ينبغي قال وكيف؟ قال إذا شربت منها فاستقبل القبلة واذكر اسم الله وتنفس ثلاثا وتضلع منها فإذا فرغت فاحمد الله عز وجل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم . ولقد جاء في كتاب يفض "فيض القدير " في شرح حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه " ماء زمزم لما شرب له ". ما نصه : " وأما قوله ( لما شرب له ) فلأنه سقيا الله وغياثه لولد خليله ، فبقى غياثا لمن بعده ، فمن شربه بإخلاص وجد ذلك الغوث ، وقد شربه جمع من العلماء لمطلب فنالوها " .
وذكر ابن القيم – رحمه الله – في كتاب زاد المعاد – " وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أمورا عجيبة ، و استشفيت به عدة أمراض فبرئت بإذن الله وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريبا من نصف الشهر أو الأكثر ولايجد جوعا " وذلك تصديقا لوصف المصطفى صلى الله عليه وسلم لهذا الماء المبارك بقوله : ( فيه طعام طعم و شفاء سقم )." وذكر الشوكاني - رحمه الله – في كتاب " نيل الاوطار" ما نصه : " قوله ( ماء زمزم لما شرب له ) فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله ، سواء كان في أمور الدنيا أو الآخرة ، لأن ما في قوله ( ما شرب له ) من صيغ العموم " وقد دونت في زماننا أحداثا كثيرة برئ فيه أعداد من المرضى بأمراض مستعصية بمداومتهم على الارتواء من ماء زمزم وعن ابن خثيم قال : " قدم علينا وهب بن منبه فأشتكى فجئناه نعوذه فإذا عنده من ماء زمزم قال : فقلنا له : لو استعذبت فإن هذا الماء فيه غلظ . قال : ما أريد أن أشرب حتى أخرج منها – غيره و الذي نفسي بيده أنها لفي كتاب الله تعالى " زمزم لا تنزف ولا تذف " و أنها في كتاب الله ( بره ، شراب الأبرار ) و أنها في كتاب الله ( مضنونة ) و إنها في كتاب الله تعالى : طعام طعم وشفاء سقم ، و الذي نفس وهب بيده لا يعمد إليها أحد فيشرب منها حتى يتضلع إلا نزعت منه داء و أحدثت له شفاء " . فهذه الأخبار مما تؤِيد صحة حديث ( ماء زمزم لما شرب له ) وقد شربه جمع من العلماء لمطالب فنالوها ، فقد ورد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه شرب للعلم و الفقاهة فكان أفقه زمانه . وقال البكري – رحمه الله تعالى – و أنا قد أجريت ذلك فوجدته صحيحا على أنني لم أشربه إلا على يقين من هذا وتصديق بالحديث