لقد دئب العلماء ومنذ مدد تاريخية طويلة من مشاهدة ورؤية ظواهر علمية عجز العلم والعلماء من وضع التفسيرات العلمية المناسبة لها، والتي يمكن من خلالها اعطاء تفسيرات علمية ومنطقية يمكن اقناع الاخرين بها ، لاسيما الذين يعملون في ميادين علمية تعتمد على الدليل العلمي الظاهري والقاطع. لذا يعتقد بعض علماء الباراسيكولوجي لكن لايعني ان هذه الظاهرة النفسية هي من نسج الخيال، بل لها شواهدها وادلة وقوعها ووجود عديد من الناس المومنين بها علميا ( اي الذين يتعاملون مع الادلة العلمية )، وهذا الدليل العلمي لاباس به لان هناك من الوقائع العلمية التي قد يرى الانسان تأثيرها وافعالها لكنه لايراها او يلمسها كشكل وصورة ، واحسن مثل لذلك هو الطاقة الكهربائية فنحن نرى اثارها في تشغيل الاجهزة المتعددة لكننا لانراها بذاتها، وبالتالي ليس بامكاننا نكران وجودها. وكذلك الامر ينطبق على القدرات فوق الحسية الخارقة، فاننا نرى اثارها وافعالها على اصحاب من يمتلكوها او من حولهم لكننا لانملك الاسباب العلمية اليقينية التي تمكننا من اعطاء تفسير علمي جازم لاسباب حدوثها رغم اعترافنا بوجودها.
ان المقصود بالقدرات الحسية الخارقة هي كل قدرة تتوافر لدى الفرد بما يجعله مميزا عن اقرانه الاخرين ، وهي ايضا خروج عن المالوف او الدارج في الفعل او السلوك ( اي لايستطيع جميع الناس القيام به او فعله)، مثل التخاطر والتنبؤ الجلاء الحسي والاستشفاء واكتشاف الماء او المعادن تحت الارض دون استعمال ادوات علمية ، هذه القدرات قد تكون عند اناس محددين حباهم الله بها ، بينما يرى العلماء الذين يشتغلون في دراسةالقدرات فوق الحسية انها قدرة موجودةعند جميع المخلوقات التي خلقها الله ولكن بدرجات متفاوته. لذا يعتقدون بامكانية اكتشافها لدى الافراد، ثم تطويرها وتدريبها كي تكون مميزة وواضحة، وحتى يميز الباحثون والدارسون لهذه القدرات بينها وبين اساليب الدجل والشعوذة او السحر او العاب الخفة والرشاقه حاولوا ان يضعوا لها اساليب في البحث والقياس كي لايتم خلطها مع مواقف لاتنتمي لهذه القدرات، والتي يخلط احيانا بعض الباحثين بينها وبين هذه القدرات بشكل متداخل وكبير يحتاج الى التوضيح والتبيان وهذه جزء من مهمة القائمين او العاملين في هذا المجال او الميدان من البحوث العلمية .
من هذه القدرات المعروفة لدى الباحثين في هذا التخصص العلمي التخاطر Telepathy وهي قدرة فوق حسية موجودة لدى بعض الافراد بشكل مميز وواضح تمكنهم من الاتصال مع الاخرين عن بعد بفواصل زمانية او مكانية او تمكنهم من معرفة الاشياء والاماكن والظروف عن بعد دون الاتصال او الاحتكاك المباشر معها . في هذه النوع من القدرات فوق الحسية يجب ان يتوافر فيها عاملان مهمان لاتمام العملية التخاطرية، الشخص المرسل الذي يرسل الفكرة او الموضوع اولا، والشخص الذي يستلم هذه الفكرة او الموضوع ثانيا.
اشارت بعض الدراسات والبحوث الميدانية التي اجريت على المتخاطرين ان الذي يرسل الفكرة التخاطرية يكون في وضع نفسي متازم او في حالة من الانفعال النفسي الشديد ( قد يكون في حالة رعب او خوف او حنين .... الخ )، بينما يكون الذي يستلم تلك الفكرة في حالة من الاسترخاء او التامل او في غفوة او اثناء النوم. واشهر مثال واقعي على ذلك هو ماتحس به بعض الامهات من حصول حادث لابنها في مكان بعيد عنها كما في حوادث السيارات او حوادث القتل او الحروب او ما شابه ذلك. اذ تومض الصورة التخاطرية للحادث الى حواس الام بشكل مفاجيء ودون سابق انذاراواعداد فتدرك الام حصول الحادث، وتبدء عليها علامات الانزعاج والاضطراب وعدم الاستقرار كرد فعل على ذلك. ومن غرائب الامور ان هذه الحالة تعد لدى كثير من الامهات من الاحوال الطبيعية، بينما هي حالة تخاطرية اكيدة، ونقول على ذلك في الامثال العامة ( قلب الام دليلها ) . ان تلك العملية تعني حدوث عملية تخاطر بين الام وابنها، واحيانا يحدث هذا الامر في المنام وتسمى بالاحلام التخاطرية وهي من الاحلام الصادقة كما تسمى دينيا.
من الناحية الفسيولوجية يمكن تفسير حدوث تلك العملية بانها تبدء بالرغبة الشخصية للاتصال مع الشخص الاخر في ظروف استثنائية لان الشخص يريد ان يوصل رسالة مهمة الى الشخص البعيد مكانا وزمانا، ثم بعدها تاتي الارادة وهو اصرار الشخص الذي يريد ان يرسل الفكرة على احداث الظاهرة التخاطرية مع الانسان الذي يريد ان يتخاطر معه. لذا فان شتات المعلومات والافكار والرغبات الموجودة والمخزونة في دماغ الانسان تتجمع وتشكل كتلة تفكيرية هائلة لتنتقل بعد ذلك الى الجهاز العصبي، لتنتقل بعذ ذلك على شكل دفعات تحمل الافكار والاراء والحلول والرغباتز وقد تتوقف عملية النقل تلك اذا حدث اي خلل في عملية احداث التواصل الفكري، كفقدان الرغبة في الاستمرار في التخاطر او ضعف الارادة لدى المتخاطر مما يودي الى حدوث انقطاع يشبه الانقطاع في الاتصال التلفوني مثلا. وقد اشارت الاحداث الواقعية التي رواها بعض من حدثت لديهم عملية التخاطر انهم استلموا اشارات تخاطرية من اناس ما، لكنها انقطعت بعد مرور مدة زمنية قصيرة تمتد من ثواني الى دقائق .
ان تلك الظاهرة كما يقال عنا كانت موجودة بدرجة كبيرة لدى الانسان البدائي، لان طبيعة حياتة انذاك والظواهر الغريبة الطبيعية التي تحدث امامه مثل الكسوف او الخسوف او احمرار الشفق او الكوارث او العدوان الخارجي وغيرها كثير، كانت محيطة به من كل جانب ولايستطيع ان يجد لها حلول او يتغلب عليها، فيحتاج الى استخدام وسائل خارقة للعادة، فيقال ان حاجته لمثل هذه الظاهرة جعلته يواصل ممارستها بشكل مستمر، ولكن مع تطور الحياة وتبدلها فضلا عن التطور العلمي والتكنلوجي اثر على طبيعة الحياة الانسانية، وبالتالي جعل من الحاجة لمثل هذه الظاهرة ليست من اهداف الانسان، فضمرت لدية وضعفت بمرور الزمن واصبحت وسيلة بدائية كما يعتقد الانسان المتمدن، حتى اصبح التشكك بوجودها سمة بارزه في العصر الحديث. ان تلك القدرة موجودة لدى جميع بني الانسان وما علينا الااستكشافها اولا، ومن ثم التدريب والتطوير المتواصل لها، كي تعود فعاليتها مرة اخرى، ومن ثم استخدامها في المواقف والظروف التي يمكن لنا ان نستخدمها فيه، وهذه الفكرة هي التي يسعى جل العاملون في هذا الميدان للقيام بها ووضعها موضع البحث والتطبيق بما يخدم اغراض واهداف الانسان في مختلف جوانب حياته العلمية و العملية ..
م/ن