صفة صلاة العيد
قال عمر رضي الله عنه : صلاة العيد والأضحى ركعتان ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى .
وعن أبي سعيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة .
والتكبير سبع في الركعة الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما .
وعن عائشة رضي الله عنها : التكبير في الفطر والأضحى الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرات الركوع رواه أبو داود صحيح بمجموع طرقه .
ولو أدرك المأموم إمامه أثناء التكبيرات الزوائد يكبر مع الإمام ويتابعه ولا يلزمه قضاء التكبيرات الزوائد لأنها سنّة وليست بواجبة .
وأما ما يُقال بين التكبيرات فقد جاء عن حماد بن سلمة عن إبراهيم أن الوليد بن عقبة دخل المسجد وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في المسجد فقال الوليد : إن العيد قد حضر فكيف أصنع ، فقال ابن مسعود : يقول الله أكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله ، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .. الخ رواه الطبراني ، وهو حديث صحيح مخرج في الإرواء وغيره .
القراءة في صلاة العيد:
يستحب أن يقرأ الإمام في صلاة العيد بـ ( ق ) و ( اقتربت الساعة ) كما في صحيح مسلم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ فَقَالَ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ وَاقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ . " صحيح مسلم 891
وأكثر ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسبح والغاشية كما كان يقرأ بهما في الجمعة فقد جاء عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ . " صحيح مسلم 878
وقال سمرة رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، ( وهل أتاك حديث الغاشية ) رواه أحمد وغير وهو صحيح الإرواء 3/116
الصلاة قبل الخطبة :
من أحكام العيد أن الصلاة قبل الخطبة كما ثبت في مسند أحمد من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدِ ثُمَّ خَطَبَ ." مسند أحمد 1905 والحديث في الصحيحين
ومما يدلّ على أن الخطبة بعد الصلاة حديث أبي سعيد رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم فإذا كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه ، أو يأمر بشيء أمر به ، قال أبو سعيد : فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة ، فقلت له : غيرتم والله . فقال : يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم ، فقلت : ما أعلم والله خير مما لا أعلم ، فقال : إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة ، فجعلنها قبل الصلاة . رواه البخاري 956
الرخصة في الإنصراف أثناء الخطبة لمن أراد
عن عبد الله بن السائب قال : شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قال : إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب . إرواء الغليل 3/96
عدم المبالغة في تأخيرها:
خرج عبد الله بن بُشر ، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم الفطر عيد الفطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام ، وقال انا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح . رواه البخاري معلقا مجزوما به
النافلة في المصلى:
لا نافلة قبل صلاة العيد ولا بعدها كما جاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما . " سنن أبي داود 1159
وهذا إذا كانت الصلاة في المصلى أو في مكان عام وأما إن صلى الناس العيد في المسجد فإنه يصلي تحية المسجد إذا دخله قبل أن يجلس .
إذا لم يعلموا بالعيد إلا من الغد :
عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا : غُمّ علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً ، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمر الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد رواه الخمسة ، صحيح : الإرواء 3/102 .
ومن فاتته صلاة العيد فالراجح أنه يجوز له قضاؤها ركعتين .
شهود النساء صلاة العيد
عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ فَقَدِمَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ غَزْوَةً وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ قَالَتْ كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لا تَخْرُجَ قَالَ لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَد الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ بِأَبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لا تَذْكُرُهُ إِلا قَالَتْ بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى . صحيح البخاري 324
قوله : ( عواتقنا ) العواتق جمع عاتق وهي من بلغت الحلم أو قاربت , أو استحقت التزويج , أو هي الكريمة على أهلها , أو التي عتقت عن الامتهان في الخروج للخدمة , وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد العصر الأول من الفساد , ولم تلاحظ الصحابة ذلك بل رأت استمرار الحكم على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله : ( وكانت أختي ) فيه حذف تقديره قالت المرأة وكانت أختي . قوله : ( قالت ) أي الأخت ,
قوله : ( من جلبابها ) .. أي تعيرها من ثيابها ما لا تحتاج إليه .
قوله : ( وذوات الخدور ) بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدر بكسرها وسكون الدال , وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه ,
( فالحيّض ) : هو بضم الحاء وتشديد الياء المفتوحة جمع حائض أي البالغات من البنات أو المباشرات بالحيض مع أنهم غير طاهرات
قوله : ( ويعتزل الحيض المصلى ) قال ابن المنيِّر : الحكمة في اعتزالهن أن في وقوفهن وهن لا يصلين مع المصليات إظهار استهانة بالحال . فاستحب لهن اجتناب ذلك .
وقيل سبب منع الحُيّض من المصلى .. الصيانة والاحتراز من مقارنة النساء للرجال من غير حاجة ولا صلاة , وقيل : لئلا يؤذين غيرهن بدمهن أو ريحهن .
وفي الحديث الحث على حضور العيد لكل أحد , وعلى المواساة والتعاون على البر والتقوى ، وأن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد , وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب .
وفي هذا الحديث من الفوائد أن من شأن العواتق والمخدرات عدم البروز إلا فيما أذن لهن فيه . وفيه استحباب إعداد الجلباب للمرأة , ومشروعية عارية الثياب . واستدل به على وجوب صلاة العيد .. وروى ابن أبي شيبة أيضا عن ابن عمر أنه كان يخرج إلى العيدين من استطاع من أهله .
وقد صرح في حديث أم عطية بعلة الحكم وهو شهودهن الخير ودعوة المسلمين ورجاء بركة ذلك اليوم وطهرته .
وقال الترمذي رحمه الله في سننه بعد أن ساق حديث أم عطية : وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَرَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعِيدَيْنِ وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ وَرُوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ الْيَوْمَ الْخُرُوجَ لِلنِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ فَإِنْ أَبَتِ الْمَرْأَةُ إِلا أَنْ تَخْرُجَ فَلْيَأْذَنْ لَهَا زَوْجُهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي أَطْمَارِهَا الْخُلْقَانِ وَلا تَتَزَيَّنْ فَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَخْرُجَ كَذَلِكَ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ الْخُرُوجِ وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لَوْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ الْيَوْمَ الْخُرُوجَ لِلنِّسَاءِ إِلَى الْعِيدِ. الترمذي 495
وقد أفتت بالحديث المتقدم أم عطية رضي الله عنها بعد النبي صلى الله عليه وسلم بمدة كما في هذا الحديث ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفتها في ذلك , وأما قول عائشة " لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد " فلا يعارض ذلك ( ما دامت المرأة تخرج بالشروط الشرعية ) .. والأولى أن يخص السماح بالخروج بمن يؤمن عليها وبها الفتنة ولا يترتب على حضورها محذور ولا تزاحم الرجال في الطرق ولا في المجامع .
ويجب على الرجل تفقد أهله عند خروجهن للصلاة ليتأكد من كمال حجاب النساء ، فهو راع ومسؤول عن رعيته ، فالنساء يخرجن تفلات غير متبرجات ولا متطيبات ، والحائض لا تدخل المسجد ولا المصلى ويمكن أن تنتظر في السيارة مثلاً لسماع الخطبة .