بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين 00
هل الشيطان يعلم بخواطر الإنسان ونواياه؟
السؤال :
هل الشيطان يعلم ما يحاك في صدورنا من كلام لا يعلمه إلا الله فيوسوس ما يناسب خواطرنا أم ماذا ؟
الجواب :
الحمد لله
دلت الأدلة الصحيحة على أن الشيطان قريب من الإنسان ،
بل يجري منه مجرى الدم ، فيوسوس له في حال غفلته ، ويخنس في حال ذكره ،
ومن خلال هذه الملازمة فإنه يعلم ما يهواه الإنسان من الشهوات فيزينها له ،
ويوسوس له بخصوصها .
روى البخاري (3281) ومسلم (2175)
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وهم وإن شموا رائحة طيبة ورائحة خبيثة
[أي الملائكة تشم ريحا طيبة حين يهم العبد بالحسنة كما جاء عن سفيان بن عيينة] ،
فعلمهم لا يفتقر إلى ذلك ، بل ما في قلب ابن آدم يعلمونه ،
بل ويبصرونه ويسمعون وسوسة نفسه ، بل الشيطان يلتقم قلبه ؛ فإذا ذكر الله خنس ،
وإذا غفل قلبه عن ذكره وسوس ، ويعلم هل ذكر الله أم غفل عن ذكره ،
ويعلم ما تهواه نفسه من شهوات الغي فيزينها له .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم
في حديث ذكر صفية رضي الله عنها
( إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم ).
وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم مما تواترت به الآثار ،
سواء كان العبد مؤمنا أو كافرا
" انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/508) .
فالشيطان يطلع على وسوسة الإنسان لنفسه ،
ويعلم ما يميل إليه ويهواه من الخير والشر،
فيوسوس له بحسب ذلك .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله
– ضمن سؤال طويل - :
وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان ويحاول صرفي عنه؟
فأجاب :
" كل إنسان معه شيطان ومعه ملك , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة . قالوا :
وأنت يا رسول الله؟ قال :
وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير) .
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يملي على الإنسان الشر ويدعوه إلى الشر وله لَمَّة في قلبه ،
وله اطلاع بتقدير الله على ما يريده العبد وينويه من أعمال الخير والشر ,
والملَك كذلك له لمَّة بقلبه يملي عليه الخير ويدعوه إلى الخير ، فهذه أشياء مكنهم الله منها :
أي مكن القرينين ، القرين من الجن والقرين من الملائكة ,
وحتى النبي صلى الله عليه وسلم معه شيطان وهو القرين من الجن كما تقدم الحديث بذلك ...
والمقصود أن كل إنسان معه قرين من الملائكة وقرين من الشياطين ,
فالمؤمن يقهر شيطانه بطاعة الله والاستقامة على دينه ,
ويذل شيطانه حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يمنع المؤمن من الخير
ولا أن يوقعه في الشر إلا ما شاء الله , والعاصي بمعاصيه
وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل ,
وتشجيعه على الباطل , وعلى تثبيطه عن الخير .
فعلى المؤمن أن يتقي الله وأن يحرص على جهاد شيطانه بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان ,
وعلى أن يحرص في مساعدة ملَكه على طاعة الله ورسوله
والقيام بأوامر الله سبحانه وتعالى
" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (9/369).
والله أعلم .