الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن المترقي في أشرف منازل الآخرة من يتطلع إلى أعلى مراتب،الإحسان،في كل شيء،في أقواله وأعماله وأخلاقه،قال الله
تعالى(وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)
ومن أنواع الإحسان،الإحسان في عبادة الله تعالى، وهو كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم،أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه
يراك،والإحسان بالمال،والإحسان بالجاه،و بالشفاعات ونحو ذلك،والإحسان بالأمر بالمعروف،والنهي عن المنكر،وتعليم العلم
النافع،قضاء حوائج الناس،من تفريج كرباتهم وإزالة شدائدهم،وعيادة مرضيهم،وتشييع جنائزهم،مما هو من الإحسان
الذي أمر الله به،فمن اتصف بهذه الصفات ، كان من الذين قال الله فيهم(للذين أحسنوا الحسنى وزيادة)وكان الله معه يسدده
ويرشده ويعينه على كل أموره،فهؤلاء الذين أحسنوا، لهم الحسنى،وهي الجنة الكاملة في حسنها وزيادة،وهي النظر إلى
وجه الله الكريم ، وسماع كلامه،والفوز برضاه والبهجة بقربه، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون،ويسأله السائلون،قال
الشيخ السعدي رحمه الله،وهذا من لطفه بعباده حيث أمرهم بأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال الموجبة للسعادة في الدنيا
والآخرة فقال(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن)وهذا أمر بكل كلام يقرب إلى الله،من قراءة،وذكر وعلم،وأمر بمعروف ونهي
عن منكر،وكلام حسن لطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم،والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح فإن
من ملك لسانه ملك جميع أمره،تعريف الإحسان،قال الحافظ ابن رجب رحمه الله،في تفسير الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه)يشير
إلى أن العبد يعبد الله تعالى على هذه الصفة وهو استحضار قربه وأنه بين يديه كأنه يراه وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة
والتعظيم،ويوجب أيضا النصح في العبادة،وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها،وكيف يكون الإحسـان إلى الآخرين،
قال عيسى عليه الصلاة والسلام،ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك،تلك مكافأة بالمعروف،ولكن الإحسان أن تحسن
إلى من أساء إليك،ومن صفات المحسنين( إن المتقين في جنات وعيون،اّخذين ما اّتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين،كانوا
قليلاّ من الليل مايهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون،وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)قال الشيخ السعدي رحمه
الله،ومن أفضل أنواع الإحسان في عبادة الخالق، صلاة الليل، الدالة على الإخلاص، وتواطؤ القلب واللسان،ولهذا قال(كانوا
قليلاّ من الليل مايهجعون)أي،كان نومهم بالليل، قليلاّ وأما أكثر الليل، فإنهم قانتون لربهم، ما بين صلاة، وقراءة، وذكر،
ودعاء، وتضرع(وبالأسحار هم يستغفرون)التي هي قبيل الفجر،فمدوا صلاتهم إلى السحر،ثم جلسوا في خاتمة قيامهم
بالليل، يستغفرون الله تعالى،استغفار المذنب لذنبه،وبالأسحار،فضيلة وخصيصة، ليست لغيره،كما قال تعالى
في وصف أهل الإيمان والطاعة(والمستغفرين بالأسحار)