نصيحة لكل طالب علم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله ،
نبينا محمد وآله وصحبه .
أما بعد :
فلا ريب أن طلب العلم من أفضل القربات ،
ومن أسباب الفوز بالجنة والكرامة لمن عمل به .
ومن أهم المهمات الإخلاص في طلبه ،
وذلك بأن يكون طلبه لله لا لغرض آخر ،
لأن ذلك هو سبيل الانتفاع به ،
وسبب التوفيق لبلوغ المراتب
العالية في الدنيا والآخرة .
وقد جاء في الحديث
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة - يعني ريحها -"
أخرجه أبو داود بإسناد حسن .
وأخرج الترمذي بإسناد فيه ضعف عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"من طلب العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء
أو ليصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار"
فأوصى كل طالب علم ،
وكل مسلم يطلع على هذه الكلمة ، بالإخلاص لله في جميع الأعمال عملا
بقول الله سبحانه وتعالى :
(فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
"يقول الله عز وجل أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا
أشرك معي فيه غيري تركته وشركه"
كما أوصى كل طالب علم ،
وكل مسلم ، بخشية الله سبحانه ،
ومراقبته في جميع الأمور ، عملا بقوله عز وجل :
(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)
وقوله سبحانه : (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)
قال بعض السلف :
رأس العلم خشية الله وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : كفى
بخشية الله علما وكفى بالاغترار به جهلا وقال بعض السلف :
من كان بالله أعرف كان منه أخوف ويدل على صحة هذا المعنى قول النبي
صلى الله عليه وسلم لأصحابه :
"أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له"
فكلما قوي علم العبد بالله كان ذلك سببا لكمال تقواه وإخلاصه ووقوفه عند
الحدود وحذره من المعاصي .
ولهذا قال الله سبحانه وتعالى :
(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)
فالعلماء بالله وبدينه ، هم أخشى الناس لله ، وأتقاهم له ،
وأقومهم بدينه ، وعلى رأسهم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،
ثم أتباعهم بإحسان .
ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات السعادة أن يفقه العبد
في دين الله ، فقال عليه الصلاة والسلام ،
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين أخرجاه في الصحيحين من حديث
معاوية رضي الله عنه ،
وما ذاك إلا لأن الفقه في الدين يحفز العبد على
القيام بأمر الله ، وخشيته وأداء فرائضه ،
والحذر من مساخطه ويدعوه إلى مكارم الأخلاق ،
ومحاسن الأعمال ، والنصح لله ولعباده .
فأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وجميع طلبة العلم
وسائر المسلمين الفقه في دينه ،
والاستقامة عليه ، وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا ،
وسيئات أعمالنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى إله وصحبه .
منقول للفائدة