الحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و على آله و صحبه وتابعيهم بأحسان الى يوم الدين،أما بعد: يختلط على كثير من الناس التفريقبين الإماميين الجبلين ( البخاري ومسلم ) وبين باقي أصحاب السننن ويعتقدكثير من العامة بأن كل ما في كتب السنن من أحاديث تنقل ويحتج بها ولذلكأردت أن أبين الفرق بينهما ومن الذي يستحق الإمامة في الحديث والذي أجمعتعليه الأمة بأن أصح كتاب بعد كتاب الله هو كتاب صحيح أمير المؤمنين فيالحديث ( الإمام البخاري ) والذي إذا أردنا أن نكتب كتابة مرة أخرى لايسعنا إلا أن نكتبه بمداد من ذهب ، ثم كتاب( الإمام مسلم ) تلميذ البخاريرحمهما الله ، ثم بعد ذلك باقي أهل السنن.
أصحاب الكتب الستة هم :
1- الإمام البخاري
2- الإمام مسلم
3- الإمام أبو داود
4-الإمام الترمذي
5 – الإمام النسائي
6 – الإمام ابن ماجه
وإليك تعريفا موجزا بكل واحد منهم :
أولاً : الإمام البخاري
وهو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَردِزبَة الجعفي البخاري ،
كان جده المغيرة مولى لليمان الجعفي والي بخارى ، فانتسب إليه بعد إسلامه .
ولدببخارى سنة 194 هـ ونشأ يتيما و أخذ يحفظ الحديث وهو دون العاشرة ولما شبقام برحلة فقصد مكة وأدى فريضة الحج وبقي في مكة زمنا يتلقى العلم علىأئمة الفقه والأصول والحديث,
ومن ثَم بدأ يرحل ويتنقل من صقع إسلامي إلى آخر على مدى ست عشرة سنة كاملة ,
طاففيها بكثير من حواضر العلم يجمع فيها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم حتىجمع ما يزيد على 600000 حديث ورجع إلى ألف محدث وناقشهم فيها وكانوا ممنعُرفوا بالصدق والتقوى وصحة العقيدة ,
ومن هذه الجملة الكبيرة من الأحاديث انتقى كتابه الصحيح متبعا في بحثه عن صحتها أدق الأساليب العلمية ,
في البحث والتنقيب وتمييز الصحيح من السقيم ، وانتقاء الرواة حتى أودع كتابه أصح الصحيح ، ولم يستوعب كل الصحيح .
واسماه ( الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه ) .
وأراد أمير بخارى أن يأتي البخاري إلى بيته ليعلّم أولاده ويُسمعهم الحديث ,
فامتنع البخاري وأرسل إليه :
" في بيته يؤتى العلم"
أي أن العلم يؤتى ولا يأتي ومن أراد العلماء فليذهب إليهم في المسجد والبيوت ،
فحقد عليه وأمر بإخراجه من بخارى ,
فنزح إلى قرية (خرتنك) القريبة من (سمرقند) وفيها له أقارب , فأقام فيها إلى أن مات سنة 256 هـ عن 62 عاما. رحمه الله رحمة واسعة .
ثانياً : الإمام مسلم
وهو مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري أبو الحسين.
أحدالأئمة من حفاظ الحديث, ومن أعلام المحدثين , ولد بنيسابور يوم وفاةالإمام الشافعي سنة 204هـ , وطلب العلم في نيسابور ولما شب رحل في طلبالحديث إلى العراق والحجاز,
وسمع من شيوخ كثيرين, وروى عنه كثيرون من رجال الحديث.
أشهر كتبه:
صحيحه المعروف بصحيح مسلم,
وهو أحد الكتب الستة المعتمدة في الحديث استغرق في تأليفه ما يقرب من خمس عشرة سنة,
وصحيحه يلي صحيح البخاري في المكانة وقوة الأحاديث .وقد شرح صحيحه كثير من العلماء.
ومن كتبه كتاب الطبقات وكتاب الجامع وكتاب الأسماء, وغيره من مطبوع ومخطوط.
توفي في مدينة نصر آباد , قرب نيسابور سنة 261 هـ عن 57 عاما. رحمه الله رحمة واسعة .
ثالثاً : الإمام أبو داود
وهو سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني, نسبة إلى سجستان . أبو داود.
إمام أهل الحديث في عصره.
صاحب كتاب السنن في الحديث, وهو أحد الكتب الستة المعتمدة.
ولد سنة ( 202 ) ورحل إلى بغداد وتفقه بالإمام أحمد بن حنبل ولازمه وكان يشبهه,
ورحل إلى الحجاز والعراق وخراسان والشام ومصر والثغور, وروى عنه النسائي والترمذي وغيرهما.
كان في الدرجة العليا من النسك والصلاح .
جمع في كتابه السنن ما يقرب من ( 5300 ) حديث .
وقد طلب منه الأمير أبو أحمد طلحة (الموفق العباسي) أن يلبي له ثلاث خلال :
أولها أن ينتقل إلى البصرة فيتخذها وطنا له لترحل إليه طلبة العلم فتعمر البلد به .
وثانيها أن يروي لأولاده السنن ,
وثالثها أن يفرد لأولاده مجلسا خاصا , فإن أولاد الخلفاء لا يجلسون مع العامة.
فقال له داود :
أماالأولى فنعم والثانية فنعم وأما الثالثة فلا سبيل إليها , لأن الناس فيالعلم سواء , فكان أولاد الموفق العباسي يحضرون ويجلسون وبينهم وبينالعامة ستر. استقر بالبصرة وبها توفي سنة 275 هـ
عن 73 سنة . رحمه الله رحمة واسعة .
رابعاً : الإمام الترمذي
وهو محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذي .
أبو عيسى. من أهل (ترمذ) إحدى بلاد ما وراء النهر وإليها نسبته.
أحد أئمة الحديث والحفاظ.
ولد سنة ( 209 ) وتتلمذ على البخاري وشاركه في بعض شيوخه.
قام في طلب الأحاديث برحلة إلى خراسان والعراق والحجاز.
اشتهر بالحفظ والأمانة والعلم. من شيوخه أحمد ابن حنبل وأبو داود السجستاني .
صنف(الجامع) المعدود من كتب الحديث الستة المعتمدة, جمع فيه فنونا من عللالحديث التي تفيد الفقيه , فإنه يذكر الحديث وغالبه في أحكام الفقه ,
فيذكرأسانيده ويعدد الصحابة الذين رووه ويُصَحِّحُ ما صَح عنده ويُضَعف ما ضُعف, ويبين من أخذ بالحديث من الفقهاء ومن لم يأخذ, فجامعه أجمع السننوأنفعها للمحدث والفقيه.
من تصانيفه أيضا كتاب الشمائل النبوية , والعلل في الحديث.
عاش شطرا من حياته الأخيرة ضريرا بعد أن طاف في البلاد يجمع الروايات الصحيحة من أهل التثبت.
توفي سنة(279 ) هـ عن 70 عاما.
رحمه الله رحمة واسعة .
خامساً : الإمام النسائي
وهو أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار النسائي.
أبو عبد الرحمن.
أصله من مدينة (نسا) بخراسان وإليها نسبته, وينسب إليها (نسوي) و (نسائي) .
ولد سنة 215 هـ وكان أحد أعلام الدين ،وأركان الحديث إمام أهل عصره ومقدمهم وعمدتهم .
وجرحه وتعديله معتبر عند العلماء .
قال الحاكم :
سمعت أبا الحسن الدارقطني غير مرة
يقول : أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بعلم الحديث ، وبجرح الرواة وتعديلهم في زمانه .
وكان في غاية الورع والتقى ، وكان يواظب على أفضل الصيام ( صيام داود ) فكان يصوم يوماً ويفطر يوماً .
سكنبمصر وانتشرت بها تصانيفه ، وأخذ عنه الناس ثم انتقل إلى دمشق وتوفي يومالاثنين الثالث عشر من شهر صفر سنة ( 300 ) عن 85 سنة . رحمه الله رحمةواسعة .
سادساً : الإمام ابن ماجه
وهو محمد بن يزيد الربعي القزويني. أبو عبد الله. كان أبوه يزيد يعرف بـ (ماجة) فعرف بابن ماجة .
و(الربعي) نسبة لربيعة التي ينتسب إليها بالولاء الحافظ المشهور مصنف كتاب السنن في الحديث ولد في (قزوين) وإليها نسبته .
سنة ( 209 ) ، وارتحل إلى العراق والبصرة والكوفة وبغداد ومكة والشام ومصر والري لكتابة الحديث .
صنف في رحلته ثلاثة كتب:
كتاب في التفسير, وكتاب في التاريخ وفيه دَوَّن أخبار الرجال الذين دونوا السنة من عصر الصحابة إلى عصره وكتاب السنن.
توفي ابن ماجة في يوم الاثنين الثاني والعشرين من رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين ،عن 64 عاما . رحمه الله رحمة واسعة .
حكم الأحاديث التي في هذه الكتب :
أما صحيحا البخاري ومسلم فقد تلقت الأمة ما جاء فيهما من الأحاديث بالقبول ،
وأجمعواعلى صحة كل ما فيهما إلا ألفاظاً يسيرة جدا أخرجها البخاري ومسلم ليبينواعِلَّتها إما تصريحا أو تلميحا كما نبه على ذلك العلماء
المحققون الدارسون لهذين الكتابين ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ،وأما سائر كتب السنن فإنها لا تخلو من وجود
أحاديث ضعيفة في ثناياها ،بعضها نبه عليها صاحب الكتاب،وبعضها بيّنها غيره من العلماء ،ولم يحرصوا رحمهم الله
على بيان جميع الضعيف لأنهم أوردوا الأحاديث بالأسانيد ، فيسهل معرفة الصحيح من الضعيف على أهل العلم بمراجعة
رجال السند ومعرفة حالهم من الثقة والضعف .
ومن العلماء المشهورين في هذا الشأن( أحمد والدار قطني ويحيى بن معين وابن حجر والذهبي والواقي والسخاوي )ومن
المعاصرين( الألباني وأحمد شاكر وغيرهم رحمة الله على الجميع )
والله تعالى أعلم .