بسم الله الرحمن الرحيم
قصة اسماء الله الحسنى وكيف وصلت الينا ؟
وهل جميعها صحيح بالدليل الصحيح؟
كما تعلمون ان اسماء الله الحسنى توقيفية (اي كل اسم له دليل من الكتاب او السنة)
وليسة اجتهادية (اي بجتهاد الاشخاص).
إذا السؤال : هل جمع النبي صلى الله عليه وسلم الاسماء الــتسة وتسعين اسما ً وسردها للصحابة ونقلها الصحابة للتابعين ؟
الاجابة : لا
لم يجمع النبي صلى الله عليه وسلم الاسماء التسة والتسعين المشهورة في حديث صحيح
بل لا يعرف المسلمون الاسماء التسعة والتسعين لا في عصر النبي صلى الله عله وسلم
ولا في عصر الصحابة ولا في عصر التابعين.
إجابة مــفـجـعـة.
اذا عندي سؤال:
كيف يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) رواه البخاري برقم (6957)، والإمام مسلم برقم (2677).
ويترك المسلمين بلا إحصاء لها ؟
الجابة :
إن الحبيب صلى الله عليه وسلم تركنا لجتهادنا ولجتهاد اهل العلم الذين سيجمعون الاسماء من الكتاب والسنة.
سؤال كيف ذالك؟
الاجابة :
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين (من قام ليلة القدر إيما نا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) ومع ذالك لم يحددها تحديدا صارما
كذالك قال إن لله تسعة وتسعين اسما ولم يجمعها للصحابة .
هنا يئتي سؤال اخر اذا الاسماء التسعة والتسعون اسما المنشورة والمعروفة والمكتوبة
من اين اتت ؟
الاجابة :
في نهاية القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الهجري حاول ثلاثة من رواة الحديث جمعها باجتهادهم؛ إما استنباطا من القرآن والسنة أو نقلا عن اجتهاد الآخرين في زمانهم، الأول منهم ـ وهو أشهرهم وأسبقهم ـ الوليد بن مسلم مولى بني أمية (ت:195هـ) وهو عند علماء الجرح والتعديل كثير التدليس والتسوية في الحديث (1).
والثاني هو عبد الملك بن محمد الصنعاني، وهو عندهم ممن لا يجوز الاحتجاج بروايته لأنه ينفرد بالموضوعات (2 )، أما الثالث فهو عبد العزيز بن الحصين وهو ممن لا يجوز الاحتجاج به بحال من الأحوال لأنه ضعيف متروك ذاهب الحديث كما قال الإمام مسلم ( 3 ) .
هؤلاء الثلاثة اجتهدوا فجمع كل منهم قرابة التسعة والتسعين اسما ثم فسر بها حديث أبي هريرة الذي أشار فيه النبي إلى هذا العدد، غير أن ما جمعه الوليد بن مسلم هو الذي اشتهر بين الناس منذ أكثر من ألف عام، فقد جمع ثمانية وتسعين اسما بالإضافة إلى لفظ الجلالة وهي:
الرَّحمنُ الرَّحيمُ المَلِك القُدُّوسُ السَّلاَمُ المُؤْمِنُ المُهَيمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّر الخَالِقُ البَارِئ المُصَوِّرُ الغَفَّارُ القَهَّارُ الوَهَّابُ الرَّزَّاقُ الفتَّاحُ العَلِيمُ القَابِضُ البَاسِطُ الخافضُ الرَّافِعُ المعزُّ المذِل السَّمِيعُ البَصِيرُ الحَكَمُ العَدْلُ اللّطِيفُ الخَبِيرُ الحَلِيمُ العَظِيمُ الغَفُورُ الشَّكُورُ العَلِيُّ الكَبِيرُ الحَفِيظُ المُقِيتُ الحَسِيبُ الجَلِيلُ الكَرِيمُ الرَّقِيبُ المُجِيبُ الْوَاسِعُ الحَكِيمُ الوَدُودُ المَجِيدُ البَاعِثُ الشَّهِيدُ الحَق الوَكِيلُ القَوِيُّ المَتِينُ الوَلِيُّ الحَمِيدُ المُحْصِي المُبْدِيءُ المُعِيدُ المُحْيِي المُمِيتُ الحَيُّ القَيُّومُ الوَاجِدُ المَاجِدُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ القَادِرُ المُقْتَدِرُ المُقَدِّمُ المُؤَخِّرُ الأوَّلُ الآخِرُ الظَّاهِرُ البَاطِنُ الوَالِي المُتَعَالِي البَرُّ التَّوَّابُ المنتَقِمُ العَفُوُّ الرَّءُوف مَالِكُ المُلْكِ ذُو الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ المُقْسِط الجَامِعُ الغَنِيُّ المُغْنِي المَانِعُ الضَّارُّ النَّافِعُ النُّورُ الهَادِي البَدِيعُ البَاقِي الوَارِثُ الرَّشِيدُ الصَّبُور ( 4) .
ولننظر كيف اشتهرت تلك الأسماء التي اجتهد الوليد بن مسلم في جمعها؟! كان الوليد كثيرا ما يحدث الناس بحديث أبي هريرة المتفق عليه - والذي يشير إجمالا إلى إحصاء تسعة وتسعين اسما – ثم يتبعه في أغلب الأحيان بذكر هذه الأسماء التي توصل إليها كتفسير شخصي منه للحديث، وقد نُقِلت عنه مدرجة مع كلام النبي وألحقت أو بمعنى آخر ألصقت بالحديث النبوي الذي رواه الترمذي، وظن أغلب الناس بعد ذلك أنها نص من كلام النبي فحفظوها وانتشرت بين العامة والخاصة حتى الآن، ومع أن الإمام الترمذي لما دون هذه الأسماء في سننه مدرجة مع الحديث النبوي نبه على غرابتها، وهو يقصد بغرابتها ضعفها وانعدام ثبوتها مع الحديث كما ذكر الشيخ الألباني رحمه الله ( 5) .
بل من الأمور العجيبة التي لا يعرفها الكثيرون أن الأسماء التي كان الوليد بن مسلم يذكرها للناس لم تكن واحدة في كل مرة، ولم تكن متطابقة قط، بل يتنوع اجتهاده عند الإلقاء فيذكر لتلاميذه أسماء أخرى مختلفة عما ذكره في اللقاء السابق، فالأسماء التي رواها عنه الطبراني وضع فيها القائم الدائم بدلا من القابض الباسط اللذين وردا في رواية الترمذي المشهورة، واستبدل الرشيد بالشديد والأعلى والمحيط والمالك بدلا من الودود والمجيد والحكيم، والأسماء التي رواها عنه ابن حبان وضع فيها الرافع بدلا من المانع في رواية الترمذي، وما رواه عنه ابن خزيمة في صحيحه وضع فيها الحاكم بدلا من الحكيم والقريب بدلا من الرقيب، والمولى بدلا من الوالي والأحد مكان المغني، ورويت عنه أيضا بعض الروايات اختلفت عن رواية الترمذي في ثلاثة وعشرين اسما ( 6)، والعجيب أن الأسماء المدرجة في رواية الترمذي هي المشهورة المعروفة حتى عصرنا .
والقصد أن هذه الأسماء التي يحفظها الناس ليست نصا من كلام النبي وإنما هي ملحقة أو ملصقة أو كما قال المحدثون مدرجة مع قول النبي : ( إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا ) , وهذا أمر قد يكون غريبا على عامة الناس لكنه لا يخفى على أهل العلم والمعرفة بحديثه ، قال الأمير الصنعاني: ( اتفق الحفاظ من أئمة الحديث أن سردها إدراج من بعض الرواة ) ( 7)، وقال ابن حجر: ( والتحقيق أن سردها من إدراج الرواة ) (8 )، وقال ابن تيمية عن رواية الترمذي وابن ماجه: ( وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن هاتين الروايتين ليستا من كلام النبي ، وإنما كل منهما من كلام بعض السلف ) (9 )، وقال أيضا: ( لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب عن أبي حمزة، وحفاظ أهل الحديث يقولون: هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث، وفيها حديث ثان أضعف من هذا رواه ابن ماجه، وقد روي في عددها غير هذين النوعين من جمع بعض السلف ) ( 10)
م/ن..