في سنن النسائي من حديث سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه
{ أن امرأة وقع عليها في سواد الصبح وهي تعمد إلى المسجد بمكروه على نفسها ، فاستغاثت برجل مر عليها ، وفر صاحبها ،
ثم مر عليها ذوو عدد ، فاستغاثت بهم ، فأدركوا الرجل الذي كانت استغاثت به فأخذوه ، وسبقهم الآخر ، فجاءوا يقودونه إليها ،
فقال : أنا الذي أغثتك ، وقد ذهب الآخر قال : فأتوا به نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته أنه الذي وقع عليها ، وأخبر القوم أنهم أدركوه
يشتد ، فقال : إنما كنت أغثتها على صاحبها فأدركني هؤلاء فأخذوني ، فقالت : كذب ، هو الذي وقع علي ، فقال النبي صلى الله عليه وآله
وسلم : انطلقوا به فارجموه فقام رجل من الناس فقال : لا ترجموه وارجموني ، فأنا الذي فعلت بها الفعل ، فاعترف ، فاجتمع ثلاثة عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم : الذي وقع عليها ، والذي أغاثها ، والمرأة ، فقال : أما أنت فقد غفر لك وقال للذي أغاثها قولا حسنا ، فقال عمر :
ارجم الذي اعترف بالزنى ، فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ; فقال : لأنه قد تاب إلى الله }
رواه عن محمد بن يحيى بن كثير الحراني : ثنا عمرو بن حماد بن طلحة حدثنا أسباط بن نصر عن سماك ، وليس فيه بحمد الله إشكال .
قال ابن القيم معلقا على هذه القصة:
وأما سقوط الحد عن المعترف فإذا لم يتسع له نطاق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأحرى أن لا يتسع له نطاق كثير من
الفقهاء ، ولكن اتسع له نطاق الرءوف الرحيم ، فقال : إنه قد تاب إلى الله ، وأبى أن يحده ، ولا ريب أن الحسنة التي جاء بها من اعترافه
طوعا واختيارا خشية من الله وحده ، وإنقاذا لرجل مسلم من الهلاك ، وتقديم حياة أخيه على حياته واستسلامه للقتل أكبر من السيئة التي
فعلها ، فقاوم هذا الدواء لذلك الداء ، وكانت القوة صالحة ، فزال المرض ، وعاد القلب إلى حال الصحة ، فقيل : لا حاجة لنا بحدك ...
والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
م/ن..