الجن والشياطين : الوجود والتجسد والتأثير
منعاً للالتباس الحاصل عند الكثيرين حول عالم الجن ومدى قدراته الحقيقية في التجسد والتأثير على البشر، رأيت أن أتقدم بهذه الحلقة التوضيحية علها تكون نبراساً لنا قبل الإدلاء بأية وجهة نظر تتعلق بالجن والشياطين، إن البحث عن حقيقة الجن والشياطين يتطلب منا استحضار بعض الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن الجن والشياطين بطريقة أو بأخرى. لأن الكتب السماوية عموماً هي المصدر الأكثر مصداقية عن تلك الكائنات خاصة وأنه لا يمكن للعلم الحديث حتى الآن وبشتى وسائله العلمية والمخبرية أن يؤكد وجود أو عدم وجود تلك المخلوقات، ولدرجة نفى فيها الكثير من العلماء الماديين إمكانية وجودها، وإن كان ذلك يتعارض مع المعتقدات الإيمانية لشتى الرسالات السماوية.
كائنات مكلف
لم يؤكد القرآن الكريم وجود الجن والشياطين فحسب بل أسهب في مواضع كثيرة بوصفها وشرح قدراتها التأثيرية على البشر عموماً، فقد جاء في قوله تعال
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ( الرحمن - 33)
ليؤكد لنا بأن الجن مخلوقات عاقلة ومكلفة، بل هي أكثر قدرة علمية من البشر لكونه ذكرها قبل الإنس، وأنه سبحانه وتعالى يخاطبها كما يخاطب البشر الند للند، ويتحداها كما يتحدى البشر في القدرة على النفوذ من أقطار السماوات والأرض، مؤكداً لها وللبشر بأن القدرة على النفوذ لا تتم إلا بسلطان، وهو العلم أو ما شابهه من القدرات. مما يعني امتلاكها للعلم والقدرات الخارقة التي تفوق القدرة البشرية.
بمعنى أن للجن علومه ومعرفته وتقنيته الإبداعية كما عند البشر تماماً، بل وربما أكثر، وهناك من يرى بأن الأطباق الطائرة وزوار الفضاء المزعومين هم من بعض جماعات الجن الذين يظهرون لنا بهذه الصفات لإيقاعنا بالمزيد من الضلالات والجهالات.
إضافة إلى أن الجن مخلوقات مكلفة كالبشر، ولهم أنبياؤهم وكتبهم السماوية، كما يتضح لنا ذلك من قوله تعالى:
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ( الأنعام - 130).