بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أتدري كيف يملؤن الأوفاق و الجداول السحرية
يدعون أنه عمل روحاني و ما هو الا سحر حسابي خالص
يعد السحر المكتوب أكثر ضروب السحر الرسمي أهمية لدى العامة, وتنبع أهميته البالغة من حيث هو - في نظر العامة - «سحر عالم» بمعنى انه يقوم على علوم مضبوطة القواعد تدرس عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة إلى السحر الشعبي الذي تتناقل وصفاته بين عامة الناس عن طريق المشافهة.
وإذا كانت فعالية السحر الشعبي نسبية اعتبارا لكونه يتداول بشكل مفتوح بين العامة فإن سحر الأحرف والأرقام يعد «مؤكد الفعالية» بسبب توفره على شرطي الغموض والسرية الضروريين لتمام العملية السحرية ونجاحها.
الوفق
الوفق ويسمى أيضا في لغة أهل «الحرف» الجدول أو المربع ويسمى أيضا الخاتم هو جدول يتكون من عدد معين من الخانات أفقيا ومثلها عموديا وتتوافق أعدادها وأحرفها وتستوي في الأقطار والزوايا وعدم التكرار لتنتج مفعولا سحريا وتختلف أسماء الاوفاق بحسب عدد أضلاعها ففي الحال التي يكون عددها ثلاثا يسمى الوفق مثلثا وفي حال الأربعة مربعا وهكذا إلى المعشر الذي هو الجدول المشكل من عشر خانات عمودية وعشر أفقية.
و لكل صنف من الاوفاق أغراض يتوسل به إلى قضائها وهكذا، فإن:
المثلث: لأعمال الخير وتيسير الأعمال العسرة كإطلاق المسجون وتسهيل الولادة ودفع الخصومة والظفر بالعدو والأمن من الغرق وابتداء الأعمال وذهاب ريح القولنج.
المربع: لأعمال الخير كالمحبة والجذب ومنع التعب والنصرة على الحرب والجاه والقبول ولقاء الأمراء وكسب مودة النساء.
المخمس: لأعمال الخير كتسليط المرض والفرقة والعداوة والخراب والرجم ومحبة النساء.
المسدس: لأعمال الخير كالرفعة والجاه والعمارة والنصر وزيادة المال.
المسبع: للظفر بالعدو وتسهيل العلوم ومنع السحر واذهاب البلادة.
المثمن: لأعمال الخير والشر والجاه والجلب والبرء من المرض وذهاب الجنون وتسهيل العلوم وابتداء الاعمال والاخفاء عن اعين الناس.
المتسع: لأعمال الخير كالجاه والقبول ودفع الخصومة والامن من المكائد وللمحبة والنصرة في الحرب ومنع البرودة من الاعصاب واذهاب البلغم.
المعشر: للعظمة والشرف ومنع الحديد ودفع السموم وذهاب الوباء وتسهيل الأمور الشاقة وقضاء الحوائج من الأمراء والسلاطين والنصرة في الحرب وغير ذلك.
فإذا أخذنا المثلث منها مثلا وهو الأقل تعقيدا بين كل الاوفاق فإن وضع الأرقام بداخله يتم وفق ترتيب معين ويعتمد نمط «مثلث الغزالي» الذي يكون على طريقة (بطد ذهج واح) وهذا شكله:
وبعد إن تأخذ الأرقام السحرية مكان الأحرف الأصلية: العدد 1 مكان الحاء و2 مكان الألف، و3 مكان الواو الخ,,, يصبح المثلث مثيلا للنموذج التالي:
وكغيره من الاوفاق يشتمل المثلث على ثمانية أصول توظف لاستحضار الملائكة وهي المفتاح المغلاف، العدل الطرح الوفق المساحة الغاية والضابط والمفتاح بلغة اهل الحرف هو اصغر عدد يوضع في الوفق وهو في مثلثنا اعلاه العدد 1 بينما المغلاف هو اكبر عدد يتضمنه الوفق وهو هنا 9 اما العدل فهو مجموع المفتاح والمغلاف اي العدد 10 والطرح هو خارج تربيع الخانات في النصف الاول للمثلث بعد طرح 1 منه 12 والوفق هو حاصل ضرب تربيع الشكل في نصفه بعد اضافة 1 اي 15 والمساحة تعني خارج ضرب الوفق في مجموع الاضلاع اي 45 بينما يعني الضابط مجموع المساحة والوفق 60 وهكذا وصولا الى الغاية التي تعني ضعف المساحة زائد ضعف الوفق 120 ويستعمل السحرة حسابات معقدة باستعمال الاوفاق في العمليات التي يزعمون انها تمكن من تحقيق الاهداف التي ذكرت فيما سبق وهي من التعقيد الى درجة تجعلها مستعصية على الفهم العادي ولذلك لن نخوض في تفاصيلها.
ويقدم معلم السحرة نماذج كثيرة منها لتحقيق الطريف والغريب من الاغراض, وننقل سرا عظيما لخلاص المسجونين والمأسورين، واذا ضوعف كما تقدم وحمله الانسان هابته الوحوش جميعها ولم تحم عليه ابدا ولا يراه احد الا فر هاربا وعظم في اعين الناس.
وتعد الاوفاق الاخرى (غير المثلث) اكثر نأيا عن الفهم العادي لعموم الناس حيث تخضع اعدادها لـ التكعيب او التكسير وفق قواعد بالغة التعقيد والتركيب بحيث يتم وضعها (الاعداد) في شكل «الفرد وفرد الفرد وفرد فرد الفرد» او «الزوج وزوج الزوج، وزوج زوج الزوج» وهكذا دواليك بحيث يبلغ الامر درجة كبرى من التعقيد لن يفقه في استيعابها سوى «أهل العلم بعلوم الحرف».
وكأن كل هذه التعقيدات لا تكفي لإثارة دهشة زبائن السحرة فإنه لن تكفي كتابة الوفق وحدها كي يحقق الغرض المطلوب اذ ثمة شروط مرافقة ينبغي ان تجتمع مع الكتابة والا كان المفعول المأمول منعدم النتيجة و اهمها وهو شرط توافر التوقيت المناسب للكتابة بالقول: «اعلم ان الوفق اذا كتب في وقت مناسب له قويت روحانيته (ملوك الجن الموكلة لخدمة الوفق) وتضاعفت قوته».
ولأجل ذلك يستحسن السحرة كتابة الوفق عندما تكون الابراج مناسبة للغرض المطلوب بحسب الجن والملائكة الذين يتوسل اليهم تحقيقه، اذ لكل خادم سفلي (جني) خادم علوي (ملاك) ـ بحسب زعيمهم ـ يساعده في تحقيق المطلوب لكن شريطة اختيار اليوم المناسب الذي تكون فيه القيادة لـ الخادمين فكما سنرى فيما بعد لكل زوج من الخدام الروحانية يوم محدد في الاسبوع يتولى خلاله سلطة الخفاء ويعتبر التوسل به خلال ذلك اليوم مجديا.
كما تضع مصنفات السحر لكل شكل من اشكال الاوفاق كوكبا من الكواكب السيارة السبعة يرتبط به ويستمد منه قوته السحرية وهكذا فالشمس لها الوفق المسدس والقمر له المتسع والمريخ له الوفق المخمس وعطارد له الوفق المربع اما المشتري فله الوفق المثمن بينما الزهرة لها المسبع ثم اخيرا كوكب زحل له الوفق المثلث.
ويمكن ان يكتب الوفق فوق قطعة ورق او رقعة جلد او عظمة حيوان او حجرا كما قد تخطه يد الفقيه الساحر على بيضة او اي سند آخر وتتداخل الكثير من العوامل الاخرى الاساسية او المكملة لإكساب الوفق فعاليته المرجوة بعد التوفق في استحضار «الروحانية» المتوسل بهم ونيل رضاهم لتحقيق المطلوب منهم.
ومن تلك العناصر نذكر طبعا البخور المناسب وتلاوة العزائم المرافقة (التراتيل السحرية) وتدخل المادة التي يكتب بها الوفق ضمن المواد البالغة الاهمية في العملية فقد تكون سائلا مكونا من محلول الزعفران في ماء الورد، او دم ذئب او ثعلب او سلحفاة برية او غيرها من وحوش البرية الذي يطاله خيال السحرة, وهناك أشياء غريبة وعجيبة من الاوفاق التي يكفي تغيير المادة التي تكتب بها ومن دون المساس بالتفاصيل الاخرى لتتغير النتيجة المحصلة.
ففي احدى الوصفات الخاصة بـ «السحر الاسود» (اي الانتقامي) ذكر انه اذا كتب (الفقيه الساحر) الوفق بدم الفكرون (السلحفاة البرية) على عظم جيفه فإن المستهدف بالعمل السحري الشرير سوف «يمشي مثل الفكرون» بمعنى انه سوف يصبح مبطئا جدا في سيره من جراء مرض يلزمه نتيجة لذلك العمل.
واذا كتب الوفق نفسه على السند نفسه لكن بالصمغ (المداد السحري الاصغر الذي يحصل عليه من نقع الصوف المحروق في الماء) فإن المستهدف بالعمل السحري سوف «يرمي ثيابه» بمعنى انه سيفقد توازنه العقلي ويجن.
اما في حالة الكتابة بدم الضبع تضيف الوصفة فإن المعني بالأذى المسلط من خلالها يموت (كذا!)