التحليل العلمي لسورتي الفلق و الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
من هدى الله عز و جل في شرح الإضطرابات النفسية (كما ورد في هذا الكتاب) يتضح أن سورتي الفلق والناس عبارة عن كتاب كامل في كشف تأثير الشيطان على الإنسان. وقد وصف الرسول صلّى الله عليه و سلّم هاتين السورتين في الحديث الشريف التالي:
o روى مسلم في صحيحه: حدثنا قتيبة, حدثنا جرير عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس))
ورواه أحمد و مسلم أيضا و الترمذي و النسائي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن
قيس بن أبي حازم عن عقبة به, و قال الترمذي: حسن صحيح
يتضح من هذا الحديث الشريف أن لهاتين السورتين وزن خاص و أهمية بالغة و هذه الأهمية لا علاقة لها من قريب و لا من بعيد بالشعوذة و الخرافات و فهم الناس الخاطىء للسحر و الحسد وإنما أهمية هاتين الآتين أنهما رحمة من الله عز و جل للناس في كشف الشيطان و الاعيبه بشكل كامل مما فيه شفاء للناس من هذا التأثير.
التحليل العلمي لسورة الفلق
فيما يلي تحليل سورة الفلق من منظور علمي:
o قل أعوذ برب الفلق: الاستعاذة بالله عز و جل
o من شر ما خلق: من شر الشيطان الذي خلقه الله عز و جل
n أي أن الشيطان يمكن أن يلحق الاذى بالانسان
o ومن شر غاسق اذا وقب: عندما يحل الليل تنتشر الشياطين
o ومن شر النفاثات في العقد:
n النفث: النفخ بدون أخراج لعاب (أي الشيطان يستعمل النفث ليسبب الاذى للانسان)
n في العقد: ينفث الشيطان في العقد العصبية لجسم الانسان ليسبب شعور الهمز (شعور الخنق و الضيق في منطقة الصدر) و نشوات خاطئة في جسم الانسان
o ومن شر حاسد اذا حسد: الشيطان حسد آدم عليه السلام لتكريم الله عز و جل له.
n يحسد الشيطان الانسان بشكل دائم و خاصة عندما يقترب الى الله سبحانه و تعالى.
n يحاول الحاسد (الشيطان) ان يُذهب الشيء الذي يحسده في الانسان عن طريق الوسوسة و التخفي, النفث في العقد العصبية و الحلم في المنام و من أكبر الأشياء التي يحاول الشيطان أن يزيلها من الإنسان هو القرب من الله عز و جل لان القرب من المولى سبحانه و تعالى هو من أفضل الاشياء التي من الممكن أن تحدث للانسان.
دخل معظم المسلمين في خطأ كبير و خطير جدا في تفسير آية (ومن شر النفاثات في العقد) في ربط هذه الآية الكريمة بالمفهوم الخاطىء للسحر و الشعوذة و أمور الإسلام منها براء. ولكن السؤال الآن هو عن السبب في ربط هذه الآية الكريمة بالفهم الخاطىء للسحر و الشعوذة؟
الجواب على هذا السؤال يكمن في فهم المسلمين الخاطىء للحديث التالي:
الشق الأول من الحديث:
وقال البخاري في كتاب الطب من صحيحه: حدثنا عبد الله بن محمد قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أول من حدثنا به ابن جريج يقول: حدثني آل عروة عن عروة، فسألت هشاماً عنه، فحدثنا عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن.
الشق الثاني من الحديث:
قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا فقال: «يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل ؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه، قال لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقاً، قال: وفيم ؟ قال: في مشط ومشاقة، قال: وأين ؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان» قالت: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه فقال: «هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين» قال: فاستخرج فقلت: أفلا تنشرت ؟ فقال: «أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً». هكذا أورده بلا إسناد وفيه غرابة، وفي بعضه نكارة شديدة ولبعضه شواهد مما تقدم، والله أعلم.
الفهم السائد حاليا لهذا الحديث هو أن رجل أسمه لبيد بن الأعصم عقد شعر النبي صلّى الله عليه وسلّم في مشط و القى هذا المشط في بئر و بذلك سحر الرسول صلّى الله عليه وسلّم. ونتيجة لهذا العمل مرض الرسول صلّى الله عليه وسلّم و كان يخيّل اليه أنه يأتي النساء و لا يأتيهن. هذا الفهم للحديث خاطىء و لا أساس له من الصحة. فالسؤال الآن ماهو الفهم الصحيح للحديث؟
كما هو موضّح في هذا الكتاب أن سورتي الفلق و الناس تكشفان خداع و تأثير الشيطان على الإنسان بالكامل. من هذا المنطلق يأتي تفسير الحديث الشريف الذي سبق ذكره كما يلي:
السحر في اللغة يعني رؤية ألأمر على غير حقيقته. فالشق الأول من الحديث الذي إسنادة صحيح و لا تشوبه شائبة فيه وصف من عائشة رضي الله عنها للرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه سحر في أنه كان يرى أنه يأتي النساء و هو في الحقيقة لا يأتيهن. تفسير ذلك أن هذه الحادثة وقعت قبل أن ينزّل الله عزو جل سورتي الفلق و الناس و سبب حدوث هذا الشيء مع حبيبنا محمد صلّى الله عليه وسلّم هو أن قرينه (شيطانه) اتى الى الرسول صلّى الله عليه وسلّم بوساوس و صور ذهنية فيها فاحشة من حيث إتيان النساء و لأن نفس الرسول صلّى الله عليه وسلّم طاهرة و قريبة الى الله عز و جل تعب الرسول صلّى الله عليه وسلّم من هذه الأفكار في أنه كيف يمكن لنفسي الطاهرة أن تأتيني بهذه الأفكار فمرض الرسول صلّى الله عليه وسلّم من جهاده مع هذه الأفكار.
فمن رحمة الله عز و جل عليه أنه أنزل على حبيبنا صلّى الله عليه وسلّم سورتي الفلق و الناس ليكشف للرسول صلّى الله عليه وسلّم و الناس طرق خداع و تأثير الشيطان عليهم. فعرف الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد نزول سورتي الفلق و الناس أن ما يعاني منه من ورود أفكار و صور ذهنية فيها فحشاء هي ليست من نفسه الطاهرة و لكن من قرينه (شيطانه) ففرح الرسول صلّى الله عليه وسلّم بهذا و شفي من تأثير الشيطان بالعلم الذي علمّه إياه الله عز و جل.
فمرض الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يكن ناتجا من عقد خيوط أو مثل ذلك من التفاهات و لكن مما سبق شرحه في هذا المجال. هناك جانب آخر نتعلمه من هذا الحديث الشريف وهو أنّه كلما زاد إيمان الإنسان و قربه الى الله عز و جل يزداد تأثير الشيطان عليه و ليس العكس. هذه من الخدع التي يحاول قرين الإنسان أن يؤثرعليه بها بأن يقول له أنه لأن ايمانك ضعيف فإنك تفكر بهذه الأفكار و الوساوس و الحقيقية عكس ذلك تماما. هذا تصديق لقول الله عز و جل في القرآن الكريم في سورة النساء بأن الشيطان لا يوسوس للإنسان الا بالكذب و الخداع:
الغرور يعني الكذب و الخداع. أما الشق الثاني من الحديث و الذي هو محاولة لتوضيح لماذا مرض الرسول صلّى الله عليه وسلّم. السبب الحقيقي و التفسير الصحيح هو كما ورد في هذا الكتاب ولا علاقة لربط شعر في عقد أو أي شيء من هذا القبيل لمرض الرسول صلّى الله عليه و سلّم و للسبب الحقيقي لنزول سورتي الفلق و الناس و أما السبب الحقيقي للنزول فهو كشف كامل لأساليب تأثير قرين الإنسان (شيطانه) عليه. أما شق الحديث الثاني فهو شيء مدسوس على الإسلام و غير صحيح و مما يؤكد ذلك أن التعليق على إسناده فيه نكارة و غرابة شديدة.