محبة العبد لربه لها علاماتٌ تدلُّ عليها، قال تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ( آل عمران:31)
إن محبَّةَ الله هي الغايةُ القصوى من مقامات الإيمان، ، فحبُّ الله تعالى أصلُ كُلِّ عمل في الدنيا، وأصلُ كلِّ جزاءٍ في الآخرة، فمن فاتَهُ حُبُّ اللهِ تعالى فاتهُ كلُّ خير، لأن أصلَ هذا الوجودِ، وأصلَ هذا الخلق هو الله تعالى وحده لا شريك له، خالقُ هذا الوجود، فمن أحبَّ غيرَ اللهِ فقد أحبَّ الفرْعَ وتركَ الأصلَ، فـدَلَّ على نقصان عقله وضلاله.
قال تعالى: وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَاء ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ(المائدة:18)
إن محبة الله يدَّعيها كلُّ الناس حتى الكافر، فيقولُ أحَدُهم: أنا أحِبُّ اللهَ وهو كاذبٌ، فما أسهلَ الدعوى وأعزَّ المعنى، فلا ينبغي أن يُفتَن الإنسانُ بتلبيسِ إبليس، وخداعِ النفسِ الأمارةِ بالسُّوءِ إذا ادَّعتْ محبَّةَ الله، ما لم يمتحنْها بعلاماتٍ ويطالبْها بالبراهين، فنحن نرى ونُبْصرُ أن من أحبَّ المالَ جَمَعَهُ وتعِبَ من أجله، ومن أحب العلم طلبه، ومن أحب الجاه أفنى عمره فيها وما يملك، وقد ذم الله أقواماً قبلنا ادعوا حب الله كذباً وبهتاناً وهم اليهود والنصارى .
فعلامة محبة العبد لله أن يُطاع فلا يُعصى، فمن عصى الله تعالى لم يحبه... وقد قال القائل:
تعصى الإلـهَ وتزعم حبَّه هذا لعمرك في القياس بديعُ
لو كان حبك صادقاً لأطعتَهُ إن المحبَّ لمن يحب مطيعُ
الحب لله يكون سبباً للطاعة بلا حدود، ويبعد عن المعصية، فهـو درعٌ حصينٌ من المعاصي، لأن المحب لا يغضب حبيبه، بل يتقرب إليه بشتى الوسائل والطرق.
ومن علامة صدق العبد في محبته لله ما جاء في قوله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ يُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَـٰفُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ (المائدة:54)