عن يزيد بن هارون قال : غدوت إلى أصبغ بن يزيد الوراق أريد أن أسمع منه فوجدته شديد الغمِّ فقلت : يرحمك الله، ممَّ غمُّك ؟ فقال لي : إن كنت تريد أن تكتب فاكتب، وإلا فانصرف. فكتبتُ وانصرفتُ، فلما كان في اليوم الثاني غدوت إليه فوجدته قد تضاعف، فسألتُه عن ذلك فقال : إن كنت تريد أن تكتب فاكتب وإلا فانصرف فكتبت وانصرفت، فلما كان اليوم الثالث رحتُ إليه فوجدتُه طلق الوجه مسرورًا، فقلت له : أراك اليوم والحمد لله مسرورًا وكنت بالأمس مغمومًا، فما الخبر ؟ فقال : أما إنك لولا سؤالك في اليوم الخالي ما أخبرتك، ولكني أعلمك أني مكثت أنا ومن عندي ثلاثًا لم نطعم طعامًا، فلما كان اليوم خرجت إلى ابنتي الصغيرة وقالت : يا أبت، الجوع فتركتها وأتيت الميضأة فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين ومددت يدي لأدعو، فأنسيت ما كنت أحسنه من الدعاء، فقلت : اللهم إن حرمتني الرزق فلا تحرمني الدعاء فألهمت الدعاء، وفيه : «... وافتح عليَّ رزقًا لا تجعل لأحد عليَّ فيه منة، ولا لك عليَّ في الآخرة تبعة، برحمتك يا أرحم الراحمين» ثم انصرفتُ إلى البيت فإذا بابنتي الكبيرة قد قامت إليَّ وقالت : يا أبه، جاء الساعة عمي بهذه الصرة من الدراهم وبحمال عليه دقيق وحمال عليه من كل شيء في السوق وقال : أقرئوا أخي السلام ... قال أصبغ بن زيد : والله ما كان لي من أحد، ولا أعرف من كان هذا القائل؛ ولكن الله على كل شيء قدير