مــقـــدمـــة
يلعب الاعتقاد بإمكانية حصول الشفاء دوراً هاماً فيه . فإنه من الضروري أن تعتقد بأنك تستطيع معالجة نفسك وتحقيق الشفاء مهما أخبرك الطبيب بعكس ذلك وإذا كنت شاكاً بنجاح الطريقة العلاجية فأمامك طريقين: إما أن تنسى الموضوع وإما أن تجرب ولكن بعقل مفتوح قدر الإمكان . ثم إنه من الضروري أن تحاول أكثر من مرة، فأنت تتعلم شيئاً جديداً وهو ما لا يجوز أن تتوقع أن تتمكن منه في أول محاولة .
إن الألم عارض مشترك في عدة أمراض ، ونقول هنا إن الألم قد يكون متسبباً عن حدوث عدم توازن في الإيعازات العصبية من خلال الحبل الشوكي من الدماغ إلى الأجهزة وبالعكس . وبما أننا نستطيع نسيان الألم غير الحاد عندما يتوجه انتباهنا إلى أمر مهم فإن احتمال الألم يعتمد على عوامل نفسية ، في حين أن مستوى الألم يعتمد على عوامل بدنية . ومهما كان الألم شديداً فإننا لا يمكن أن نستطيع الاعتياد عليه كما نستطيع أن نعتاد على الصوت المتكرر مثلاً .
وتجدر هنا ملاحظة ، وهي إن المعرفة بتشريح الجسم وكذلك المعرفة بكيفية حصول الألم تفيد كثيراً في التصوير الذهني لأن الصور التي تخلقها تكون أكثر تعدداً وأقرب إلى الواقع كلما ازددت معرفة بالتشريح والألم . وهذا ينطبق تماماً على الأمراض عموما ، أعني أعراضها الأخرى بالإضافة إلى الألم . فكلما ازدادت معرفتك بكيفية حصول مرضك وتأثيره في جسمك كلما كنت أكثر تمكناً في تصوير الحالة إلى أقرب ما يمكن من الحقيقة . وتستطيع في هذا المجال ، اقتناء كتاباً في تشريح الجسم فهو مفيد وإن كان بسيطاً ، وكذلك سؤال الطبيب أو دارسي الطب أو المعالج عن تأثيرات الحالة المرضية التي تعاني منها على مختلف أجهزة الجسم ، سواء أ كان هذا التأثير منظوراً كتضيق الشرايين وتكلس المفاصل أو كان تأثيراً لا يرى بالعين المجردة .
محاربـة الألـم
يجب قبل الشروع في التصوير
* ، الوصول إلى حالة استرخاء** .
والاسترخاء بحد ذاته مخفف للألم وذلك لسببين ، الأول هو أن تقلص العضلات يسبب ألماً لأنه يؤدي على الأغلب إلى إفراز مادة تسبب الألم . أما الثاني فلأن حالة الاسترخاء مع التصوير تزيد من توقع النجاح وهو ما يلعب دوراً مهماً جداً في هذه العملية . ونحن نعلم بأن الألم مرتبط بالعواطف ، لذا فإن كان التوقع سلبياً يصبح الألم صعب
المقاومة إذاً عليك أن تؤمن بكل قلبك بالنجاح لكي تناله .
والآن ، فإن الطريقة هي باختصار أن تتصور الألم إنساناً أو مخلوقاً آخر . بعدها تتكلم معه وتسأله أسئلة مختلفة، وحتى يمكن أن تسأله كيف تتخلص منه . فالذي تفعله هو أن يتعامل القسم الأيمن من دماغك بخلق الصورة أولاً ثم بالكلام معها ثانياً وكما يحصل في الأحلام . ويحكي ( رولاند شون )
عن تجربة شخصية له تنفع هنا كمثال توضيحي .
فقد التوى عموده الفقري في مناسبة بسيطة ، وبعد ثماني سنوات كان لا يزال يعتقد بأن الألم لم يكن بدنياً تماماً ، وإثما هناك جانب نفسي . اعتقد بأن للألم علاقة بإحساسه بالذنب من تغييره عمله . وقد أثبتت الأبحاث أن الرغبة بالانتقام من النفس من الممكن أن تؤدي إلى أشكال عديدة من الألم. فحتى لو زال السبب البدني فإن الألم يستمر لأن المريض يحتاج إلى الألم . والذي فعله شون هو القيام بعدة جلسات تصويرية كالآتي :
الجلسة الأولى
تصوّر الألم كقطة كبيرة متوحشة وغاضبة لها أسنان هائلة وهي تسحب عموده الفقري . ثم جاءت طيور بيضاء وحاولت أن تطرد القطة إلا أنها لم تفعل وكانت تعود إلى العمود مرة بعد أخرى .
والغاية هنا هو تصوير الألم كمخلوق . ويحسن أن تترك العقل الباطن أن يختار ، وارض باختياره من غير أن تحاول أن تختار بين صور متعددة . كما أن كون المخلوق بصورة مخيفة وغاضبة يتواءم مع الألم ، وقد تكون الطيور البيضاء كناية عن كريات الدم البيضاء . وأخيراً كانت
صورة القطة واضحة تماماً في حين كان عدد الطيور قليلاً لا يفي بالغرض .
الجلسة الثانية
تكلّم مع القطة وسألها ( لماذا أنت هنا ؟ ) فأجابته بأنه يستحق أن يلقن درساً لأنه ترك عمله . ثم سألها ( أليس ما عانيته لحد الآن كافياً ؟ ) فأجابت ( نعم ) . ثم قالت بأنها لن تذهب طواعية وإنما يجب أن تطرد ، كما أنها متضايقة من وجود هذه الطيور . فسألها ( كيف أتخلص منك ، هل بأن تبتلعك كريات الدم البيضاء ؟ ) . ثم أرسل إليها مجموعات من كريات الدم البيضاء ، كمجموعات الجراد ، بحيث أصبحت القطة مغطاة بها بشكل كامل . ثم إن المنطقة غسلت ، وجاء رجال صغار يحملون بعض الماء الذي رشقوا به المنطقة لينظفوها من الالتهاب والفضلات.
كان المشهد غير واضح ، وكان في أثنائه إشارات عاطفية مريحة وفي بعض الأحيان ذهاب الشد في عضلات المعدة . لاحظ هنا أنّ الأسئلة لم تكن مهيأة سلفاً بل إنها كانت وليدة المشهد . ولاحظ أيضاً كم هي إيجابية هذه الجلسة مقارنة مع الأولى . وبالفعل استطاع أن ينام في تلك الليلة أفضل من المعتاد ،
كما استيقظ بحالة عقلية أفضل، على الرغم من وجود الألم .
الجلسة الثالثة
هاجمت الكريات البيضاء مرة أخرى القطة التي أصبحت خائفة وصغيرة . ثم جاء فريق من رجال صغيري الحجم وغسلوا ألياف عصبية وبدءوا عملية تصليح . وكانوا يغنون ويلعبون أثناء العمل حيث كانوا يتزحلقون على الألياف العصبية . وفي بعض الأحيان كانوا يدخلون مقطعاً جديداً وفي أخرى كانوا يربطون أطراف الألياف لعمل توصيله . كان هذا مشهداً إيجابياً للغاية مع كل الإشارات إلى أن الجسم بدأ بتصليح نفسه . وفي هذا المشهد تصبح معرفة تشريح الألياف العصبية مفيدة . وفي المشهد الرابع
لم تظهر القطة بل ظهر رجل لم يكن غاضباً بل كان في الحقيقة حذراً .
الجلسة الرابعة
سأله عن ماذا يفعل، فأجابه بأنه يريد سحب الأعصاب بعيداً عن العظم الخارج. عندها طلب أن يتم التصليح، فجاء رجال وجلبوا معهم حبالا وبكرات لجذب العظم. ثم دلكوا المنطقة ببعض المراهم وسحبوا الأعصاب برفق . ثم سألهم ( هل يمكن عمل أكثر من ذلك الآن ؟ ) فقالوا له ( لا، ليس الآن، ولكن تستطيع أن تدفئ المنطقة ). ثم جاء رجل بيده مصباح حراري وبدأ يمرر اللهب على المنطقة، بعدها طلب منه أن يطفيه لأنه يريد أن ينهي الجلسة.
في هذا المشهد كان التصليح هو الأساس، فالأمر المهم هنا هو أن تجمع جميع دفاعات الجسم لتعمل من أجل منفعتك. وكان اللهب أو الحرارة صورة ذهنية لعلاج حقيقي
إذ إن زيادة حرارة المنطقة يزيد من الدورة الدموية فيها مما يساعد في العلاج.
وآخر أمر يجب ملاحظته والاهتمام به هو ضرورة أن ترى نفسك، قبل إنهاء الجلسة، خالياً تماماً من الألم وكل الأعراض الأخرى أي خالياً من المرض، وإنك أصبحت قادراً على أن تفعل كل ما تحب أن تفعله. يجب أن ترى بعين عقلك حالتك التي تحب أن تكون عليها وليس أن تتحسن وأنت في وضعك الحالي. إن العقل الباطن يعمل على ضوء مبادئ متعددة، وبرؤيته للنتيجة النهائية، أي زوال الألم، يقوم بعمل
برامج معينة لتحقيق ذلك. وهذه البرامج هي برامج هادفة وليست خادعة.
المرض ومحاربته :
يمكن أن تكون الخطوات اللازمة للتصوير الذهني لأجل معالجة المرض ( سواء كان مصحوباً بألم أو لا )
كالآتي:
1- أدخل في حالة الاسترخاء كما شرحنا سابقاً.
2- تصور مرضك بأي شكل مناسب، وإذا كان ذلك عسيراً يمكن استعمال شاشة التلفزيون في تصوره كما سنبين ذلك فيما سيأتي. المهم أن تحاول أن تتصور المرض بكل حواسك.
3- تصور الشفاء يحصل بأوضح ما يمكن. لا تخش أن يكون غريب الشكل. أدخل في الصور الذهنية وسائل العلاج الجسمانية الطبيعية ككريات الدم البيضاء وكذلك العلاج ا
لخارجي كأقراص الدواء أو أي علاج من الطبيب أو المعالج.
4- نظف وتخلص من كل الأوساخ والفضلات غير المطلوبة. تصور موقع المرض نظيفاً وخاليا من المرض.
5- تصور نفسك خالياً من المرض، وإنك تمارس حياة طبيعية نشيطة. أيضاً تصور نفسك سعيداً وسليماً.
6- هنيء نفسك ( أي عقلك الباطن ) و اشكرها على مساعدتك على الشفاء.
7- استيقظ. يجب تكرار هذه العملية كثيراً، وكلما كان المرض أكثر خطورة كلما كان التكرار المطلوب أكثر. وأفضل وضع هنا هو الاستلقاء على السرير. ولعل أفضل وقت لممارسة هذه العملية التصويرية هو في المساء قبل النوم لأنك ستأتي بأحلامك إلى العملية الشفائية كنتيجة.
وإنه من المفيد جداً تعلم ماهية مرضك، أعني موقعه وفي أي الأنسجة يؤثر وما شكل التأثير وما هو الفرق بين صورتي الموقع المصاب في حالتي الصحة والمرض. وهنا يمكن سؤال الطبيب عن ذلك والطلب منه أن يرسم لك رسما تخطيطياً بسيطاً للذي يحصل.
وأكثر خطوة تصويرية هي الخطوة الثالثة، ففي هذه الخطوة يجب تصور الشفاء. وكلما كانت الصور الذهنية أكثر غرابة كلما كانت النتائج أفضل . إن الرمزية أهم هنا من كونها واقعية أو لا، فالهدف هو إبقاء فكرة الهدف المؤمل هي العليا، والهدف هو الشفاء الكامل.
منقول