الفائدة الاولى : التعوذ بالله من شره : والتحصن به واللجأ إليه وهو المقصود بهذه السورة { سورة الفلق } والله تعالى سميع لاستعاذته ، عليم بما يستعيذ منه
الفائدة الثانية : تقوى الله : وحفظه عند أمره ونهيه ، فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يكله الى غيره ، قال تعالى : ( وإَنّ تَصبِرُوا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئاً ) آل عمران
الفائدة الثالثة : الصبر على عدوه : وأن لا يقاتله ولا يشكوه ، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً ، فما نُصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله
الفائدة الرابعة : التوكل على الله : فمن يتوكل على الله فهو حسبه . والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم ،وهو من أقوى الأسباب في ذلك ، فإن الله حسبه أي كافيه ، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه ، ولا يضره إلا أذى لابد منه كالحر والبرد والجوع والعطش
الفائدة الخامسة : فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه : وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له ، فلا يلتفت إليه، ولا يخافه ، ولا يملآ قلبه بالفكر فيه ، وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره ، فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه
الفائدة السادسة : الإقبال على الله والإخلاص له : وجعل محبته ورضاه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية
الفائدة السابعة : تجريد التوبة إلى الله : من الذنوب التي سلطت عليهأعداءه فإن الله تعالى يقول : ( وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتَ أَيدِيكُم ) {الشورى 30} ، وقال لخير الخلق وهم أصحاب نبيه دونه (صلى الله عليهوسلم) : ( أَوَ لَمَّا أَصَابَتكُم مُصِيبةُُ قَد أَصَبتُم مِثلَيهَا قُلتُم أَنَّى هَذَا قُل هُوَ مِن عِندِ أَنفُسِكُم ) {آل عمران 165} " اللهم إني أعوذبك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم " ،
الفائدة الثامنة : الصدقة والإحسان ما أمكنه : فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء ودفع العين وشر الحاسد، ولو لم يكن في هذا إلا بتجارب الأمم قديماً وحديثاً لكفى به ، فما تكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق ، وإن أصابه شئ من ذلك كان معاملاً فيه باللطف والمعونة والتأييد ، وكانت له فيه العاقبة الحميدة . فالمحسن المتصدق في خفارةإحسانه وصدقته عليه من الله جنة واقية ، وحصن حصين . وبالجملة فالشكر حارس النعمة من كل ما يكون سببا لزواله
الفائدة التاسعة : أن يملك عدوه بإحسانه فيستعبده ،وينقاد له ، ويذل له ويبقى {من أحب} الناس إليه . وإما أن يفتت كبده ، ويقطع دابره، إن أقام على إساءته إليه ، فإن يذيقه بإحسانه أضعاف ما ينال منه بانتقامه . ومن جرب هذا عرفه حق المعرفة ، والله هو الموفق المعين ، بيده الخير كله لا إله غيره .
الفائدة العاشرة : وهو تجريد التوحيد ،والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم ، والعلم بأن هذه الآلات بمنزلة حركات الرياح ، وهي بيد محركها ، وفاطرها وبارئها ، ولا تضر ولا تنفع إلابإذنه فهو الذي حسن عبده بها وهو الذي يصرفها عنه وحده ، لا أحد سواه . قال تعالى : (وَإِن يَمسَسكَ اللهُ بِضُرٍ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدكَبِخَيرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضلِهِ ) {ابراهيم 39} . وقال النبي (صلى الله عليه وسلم ) لعبدالله بن عباس رضي الله عنهما : " واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشئلم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلابشئ كتبه الله عليك"