السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي في الله:
أمنية غالية كان يتمناها النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل ربه أن يبلغه إياها إنها نعمة بلوغ شهر رمضان فقد ورد عنه أنه كان يقول: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان" ذلك الشهر الذي هو من أفضل الشهور، ذلك الشهر الذي خصه الله بفضائل كثيرة لا تعد ولا تحصى، أهمها: أنه شهر تتنزل فيه الرحمات، وتغفر فيه الذنوب والسيئات، وتفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد الشياطين، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، شهر تضاعف فيه الحسنات ..
أخي يا من أدركت رمضان:
احمد الله تعالى بأن أفسح لك في أجلك، ومد في عمرك حتى أدركت رمضان واحمده بأن أدام عليك نعمة الصحة والعافية في بدنك حتى أدركت رمضان، فحُق لك بأن يفرح قلبك وتدمع عينك بقدوم هذا الضيف الكريم. فكم غيّب الموت من صاحب، ووارى الثرى من حبيب، فإن طول العمر والبقاء على قيد الحياة فرصة للتزود من الطاعات والتقرب إلى الله عز وجل بالعمل الصالح، فرأس مال المسلم هو عمره.. أدعوك أخي بهذه المناسبة بأن تفتح صفحة جديدة بيضاء مشرقة مع ربك، وأن تسدل الستار على ماضٍ نسيته أنت وأحصاه الله، فما أجمل رمضان عندما يكون بداية للتوبة والإنابة وميداناً للمنافسة في الطاعات. فكم من التائبين المنيبين إلى الله في رمضان!! وكم من المستغفرين من ذنوبهم النادمين في رمضان!! وكم من المشمرين للطاعة في رمضان!! ولذا أخي أدعوك لتنضم إلى قوافل التائبين القاصدة باب من هو غني عن خلقه سبحانه، وباب من لا تضره معصية ولا تنفعه طاعة، وباب غافر الذنب وقابل التوب قبل أن يقفل هذا الباب بطلوع الشمس من مغربها أو بلوغ الروح الحلقوم وعندئذ لا ينفع الندم والتحسر، فطوبى لمن أجاب فأصاب، وويل لمن طرد عن الباب.
أخي المسلم يا من أدركت رمضان:
إن في اغتنام مواسم الخير بالجد في العمل الصالح والتوبة إلى الله تعالى مما سلف من القبائح ما يعوض الله به العاملين عما مضى في نقص العمل، ويصرف به عقوبة ما اقترف المرء من الزلل. لذا احرص على أوقاتك وساعاتك حتى لا تضيع سدى، وتذكر من صام معك العام الماضي وصلى العيد!! ثم أين هو الآن بعد أن غيبه الموت؟! وتخيل أنه خرج إلى الدنيا اليوم فماذا يصنع؟! هل سيسارع إلى النزهة والرحلات؟! أم إلى الانغماس في الملذات والشهوات؟!.. كلا والله بل سيبحث عن حسنة واحدة، فإن الميزان شديد ومحصى فيه مثقال الذر من الأعمال. وفقك الله وسدد خطاك.
والسلام عليكم.