الرحمن جل جلا له
قال الله تعالى{ الرحمن على العرش استوي }
ومعنى { الرحمن جل جلا له } : أنه ذو الرحمة الواسعة الشاملة ، المتعطف برحمته وجلائل نعمه على جميع خلقه ، فسبحانه هو الرحمن الرحيم استوي على عرشه وتجلى على خلقه باسم الرحمن وليس باسم المتكبر الجبار وكذلك أرسل رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالرحمة العامة :
{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين }
فخلق الله رسوله بالخلق العظيم وزينه بالحلم والكرم وأثنى عليه بقوله الكريم :
{ وإنك لعلى خلق عظيم }
فالله في السماء رحمن ، ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض مظهر من مظاهر رحمة ربه الرحمن الرحيم
وافهم معنى قول الله تعالى { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر . قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار ويئس المصير }
فإن رحمة الله شملت المؤمن والكافر كما عمت جميع مخلوقاته . قال الله تعالى { ورحمتي وسعت كل شيء } .
وهذا الاسم { الرحمن جل جلاله } : لايسمى به غير الله وهو جار مجرى العلم المفرد ، ولم يرد في القرآن مجردا من
{ ال } التعريف ، واعلم أن اسم { الرحمن جل جلاله } ، أصل لاشتقاق الرحمة . وكذلك اشتقت من أسمائه الحسنى جميع الصفات والأفعال . فهو الأول قبل كل شيء . والله خلقكم وما تعلمون .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال الله تعالى : أنا الرحمن ، أنا خلقت الرحم وشققت لها اسما من إسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته ومن بتها بتته }
رواه احمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
فإذا فكرت في معاني هذه الآيات واقتران اسم الرحمن باسم الله الأعظم دعوت الرحمن لكل ما أنت محتاج إليه .
قال الله سبحانه { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى }
وكذلك أوجب الله سبحانه السجود لذاته الرحمانية دون سائر أسمائه وصفاته { ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس }
{ وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا }
كما أوجب الله سبحانه خصائص كثيرة { للرحمن جل جلا له } من خصائص أسمائه وصفاته بصفة الربوبية والخلق وجعل اسم الرحمن ذكرا للذاكرين، ونبه إلى الاستعاذة به والتوكل عليه والصوم له وأن الناس تحشر إليه يوم
القيامة : فقال الله سبحانه { كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب }
وقال الله سبحانه { قل هو الرحمن أمنا به وعليه توكلنا }
وقال الله جل جلا له { الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفا وت فارجع البصر هل ترى
من فطور }
وقال الله جل جلا له { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا }
وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ، إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ، لقد أحصاهم وعدهم عدا }
وقال الله جل جلا له { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا }
وقال الله جل جلا له { قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الله عز وجل خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرحم ، فقال مه : فقالت : هذا مكان العائذ بك من القطيعة قال نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى يا رب ، قال :فذلك لك }.
رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
وقال الله جل جلا له { فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا }
وقال الله سبحانه وتعالى { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين }
وحظ العبد من اسم ربه { الرحمن جل جلا له } أن يتخلق بعين الرحمة وعون المخلوق بحوله أو دعائه ويورثه نور العلم والبيان .
فقال الله سبحانه { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما }
وقال الله سبحانه وتعالى { الرحمن . علم القرآن ، خلق الإنسان . علمه البيان }
فمن علمه الرحمن القرآن علمه البيان ، علمه علوم الكون كلها { ما فرطنا في الكتاب من شيء }
وحظ العبد من اسم ربه { الرحمن جل جلا له } قالوا : من ذكره مائة مرة إثر كل فرض زال عنه النسيان والغفـلـة وقساوة القلب وأعين أمور الدنيا . ولا يزال ذاكره يتقلب في رضوان الله تعالى وتتوالى عليه النعم .
ومن كتبه ومحاه في ماء وسقى منه صاحب الحمى الحارة ذهبت عنه .
وقالوا : من صلى عصر يوم الجمعة ثم استقبل القبلة وقال : يا ألله يارحمن إلى أن تغيب الشمس وسأل الله تعالى شئا إلا أعطاه الله إياه .
والله أعلم .
ـــــــــــــــــ