بالتفكير الراقي نرتقي للمعالي
للإمام مالك رحمه الله
كيف وصل الإمام مالك إلى ما وصل إليه؟ |
وهل يمكننا نحن أن نصل إلى ما وصل إليه؟
|
ولكي نجيب على هذا السؤال الشيق سيكون حديثنا في ثلاث محاور:
v ماذا قالوا عنه؟.
v الحوار الناجح وفن الإقناع.
v كيف كان أدب الإمام مالك مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.؟
هذه المحاور السابقة هي ما سوف نتكلم عنها بالتفصيل الممتع بمشيئة الله ،
أسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والقبول.
ما ذا قالوا عنه
فأقول عنه هو:
إمام دار الهجرة، أبي عبدالله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي.
من ألقابه: " إمام الحرمين ، عالم المدينة ، عالم العلماء ، مفتي الحرمين ".
والآن لنستعرض الجانب الأول وهو:
ماذا قالوا عنه؟
أخواني وأحبابي
سأذكر فقط في هذا الجانب قولاً للإمام الشافعي
حيث قال: (إذا وجدت لمالك حديثاً فشد يدك به فإنه حُجة)
(ما بعد كتاب الله تعالى كتاب أنفع من كتاب مالك بن أنس)
(إذا جاء مالك فمالك كالنجم)
ماذا يعني هذا؟
يشهد الإمام الشافعي (وهو التلميذ) للإمام مالك (وهو الشيخ) بأنه سند قوي يؤخذ بقوله وفعله.
والسؤال هنا:
س1/ أيحتاج الإمام مالك (الشيخ) إلى تزكية من الإمام الشافعي (التلميذ)؟
س2/ أليس هذا الشافعي من خرج لنا بمذهب يختلف في فروعه عن شيخه أليس في هذا تناقض؟
ومن هنا نبدأ الموضوع:
س1/ أيحتاج الإمام مالك (الشيخ) إلى تزكية من الإمام الشافعي (التلميذ)؟
ج1/ فنقول أن الإمام الشافعي قد بلغ في العلم مبلغاً واسعاً وكبيرا
يؤخذ بقوله وصار له أتباعاً وأنصارا ومحبين
بمعنى : أنه قد انفرد بعلمه بفضل الله تعالى.§
فهو عندما ذكر الإمام مالك فهذه لفتة كريمة منه
إلى شيخه ومربيه الذي بلغ منهب أبلغ الأثر.
§ أن أقواله وإن كانت حجة فلا ينبغي التقليل من الغير
فهي على العكس قد تكون حجة من الحجج.
§ القضاء على التعصب الممقوت بين بعض تلاميذ الشيخين
المبني على الغيرة والجهل الذي كان موجودا في عهده.
س2/ أليس هذا الشافعي من خرج لنا بمذهب يختلف في فروعه عن شيخه أليس في هذا تناقض؟
ج2/ فأقول مستعيناً بالله:
أن الإمام يخاطب أناسا لم يبلغوا الفهم الصحيح والاستنباط الراجح
حتى يستطيعوا أن يميزوا بين الأقوال ،
فيظهر له الصحيح من السقيم فضلاً عن الصحيح من الأصح.
( وهو ما يغيب عن الأذهان)
ولا يتبين ذلك إلا بطالب علم متمرس متحقق بلغ من العلم مداه
مثل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة.
واليوم أحبابي وأخواني ماذا نشاهد في حياتنا اليومية.؟
نسمع ونرى أن فلاناً أحسن من فلان ومذهب فلان أفضل من مذهب فلان
والشيخ الفلاني أفضل من الشيخ الفلاني .
أليس هذا ما يحدث اليوم؟
حتى أصبح الناس في حيرة إلى من يتجهون أو من يتبعون.
من أنت حتى تحكم بفضل مذهب شيخ على شيخ آخر
أو أن منهج شيخ أحسن من منهج شيخ آخر ؟!
بل وربما تطاول البعض لإبراز فضيلة شيخه أو مذهبه
بالتقليل والتنقيص من الشيخ أو المذهب الآخر ، وهذا والله قمة الجهل ،
أما يدري أنه بفعلته قد أضر بشيخه
وأقوال المذهب الذي يتعصب له من حيث لا يعلم.
فهل هذا الأسلوب دليل محبة وعلم أم في الحقيقة دليل إساءة وجهل.؟
وقديما قالوا: (عدو عاقل خير من صديق جاهل)
ومما سبق عرضه وجب علينا أن نتأكد من المعنى الصريح للقول المنسوب إلى ذلك العالم،
فالشيخ أو العالم أو المفكر لم يقل ما يقوله عنه طلابه في كثير من الأمور،
إنما هو اجتهاد منهم بل على العكس ، لو علم ما قالوا في كثير من الأحيان لعاتبهم ولعلمهم.
والفكر السديد والعمل الصائب عند أئمتنا:
أن يفهم الطالب دينه وأموره بطرق محببة و ميسرة سواءً
من أستاذه مباشرة أو غيره من الأساتذة والمعلمين
ولذلك تجدهم يقولون – السلف الصالح- :
(إذا صح الحديث فهو مذهبي)
وفي عبارة أخرى
( إذا خالف قولي الكتاب والسنة فارموا به جدار الحائط)
وأما لو قسنا أثر التفضيل الممقوت على واقع بيوتنا وما تفرزه من أجيال لشاب
الواحد منا قبل المشيب ولأثقل ظهره قبل أن يصلب عوده
والسبب هي تلك الأساليب الخاطئة التي نمارسها في تربيتنا لأبنائنا
ولنلقي نظرة على بعض الأمثلة التي تحدث في الكثير من بيوتنا:
إليكم هذه الأمثلة:
1. (تفضيل الأخ الصغير على الكبير):
يشتكي الطفل الأصغر بحرارة وألم من الطفل الأكبر
فمن دون تروي يصدق هذا الطفل الأصغر ويأخذ كلامه
إما على محمل الجد أو يؤخذ لأنه صغير فلا بد للكبير من تحمله،
وبهذا ننشئ طفلا مدللاً أو مصدقاً على حساب نفسية الأخ الأكبر
والنتيجة: الأخ الأكبر يحمل ضغينة وشحناء على أخيه الأصغر.
2.(تفضيل الولد المحبوب أو العاقل على الآخر)
تصارعا اثنان وكلا منهما يشتكي أنه مظلوم ،
فيقف ولي الأمر مع الابن المحبوب
أو الابن الذي طالما سلوكه الظاهر مما يناسب الوالدين،
وهذا تصرف ليس فيه أي نوع من التربية الصحيحة.
وغيرها من المواقف التربوية الخاطئة التي ساهمت في بناء جيل يجيد التصارع
ويخطئ التنافس الشريف ويتقن الفردية والمزاجية ويهمل التعاون المحمود.
أما إذا كان تعاملنا مع أبنائنا على أساس المعاملة الراقية
المتوجة بالعدل والاحترامفسنرتقي بهم
وسنبني جيل صالح ينفع نفسه ومجتمعه
ومن هنا نستنتج المعادلة التالية
بالتفكير الراقي نرتقي للمعالي=
الاعتراف بالفضل للغير+ احتمالية تعدد الآرا + احترام الشخص مهما كان عمره ومكانته←
طريقة للوصول للهدف المنشود
= شخصية ثابتة من الداخل بعيدة عن الأنا
تشق طريقها نحو النجاح بمرونة
تابعونا في بقية حلقات الإمام مالك