إن حقائق العالم العلوي وتأثيراته على العالم السفلي فمنهم من انكرها وأفتى بأنها شرك مع انها مسخرة من الواحد الاحد فمن هذا الكلام يظهر نموذج ألا وهو عدم المعرفة بخصائص ما أودعه الله في العالم العلوي من اسرار نورانية بديعة المعرفة فطلب معرفة الحقيقة العلوية لا يوفق فيها إلا من كان له عقل وافر لأن جرم علمها قد يكون اكبر من عقل الطالب فيركن في اوحال الجهل فلا يفقه في طلبها من كان ناقص الفكر لذا اعلموا ان السموات كلها قد جعلها الله محلا لعلوم الغيبة المتعلقة بما يحدث الله في العالم من الكائنات جوهرها وعرضها صغيرها وكبيرها وأحوالها وانتقالاتها وما من سماء إلا كواكبها في منازل الفلك الثامن وجعل الكواكب هذه ....الكواكب السبعة إجتماعات وافتراقات وجعل منها ما يكون بينه وبين كواكب اخرى منافرة كلية وذلك انه إذا اودع عند الواحد ضد ما اودعه عند الاخر كانت المنافرة... لا لأنهم اعداء وإنما ذلك لحقائق خلقهم الله تعالى عليها يقضي بذلك ويشغلهم بطاعة ربهم وتسبيحه ...لا يعصون الله ما أمرهم كما جاء في خلقه مالك خازن النار انه ما ضحك قط لخلاف الرضوان الذي خلق من سرور وفرح وكلاهما عبدان صالحان مطيعان ليس بينهما عداوة ولا شحناء غير ان الاثار هنا في العالم السفلي تنبعث عن تلك الحقائق وعندنا اغراضنا قائمة فتقع بيننا التحاسد والعداوة والاصل من ذلك واما عدم المنافرة بين المتناسب منها فهو إن اوجد الواحد على خلاف ما اوجد الاخر فلا على ضده فكل ضد خلاف وما كان خلاف ضد فإن وكيل السماء السابعة يضاد وكيل السماء السادسة حتى ان ما يعلمه صاحب السماء السادسة إلا صار وقت الحكم فيه للملك الموكل فيه في السماء السابعة افسد ماأصلحه صاحب السماء السادسة كما يفعل ايضا صاحب السادسة إذا اصلح ما يفسده صاحب السابعة وكل ملك ماعنده انه يفسد وإنما يكون في فعله انه اصلح من حيثانه إمتثل فيه امر ربه وادى ما أمن عليه وهو الامر الذي ذكره الله جل وعلا انه اوحى في السموات فقال جل وعلا..... واوحى في كل سماء امرها فإذا انست بهذا القدر وعلمت انه لا يطعن في العقد وإلا فأي فائدة كانت في قول الله تعالى والنجوم مسخرات بأمره بماذا سخرها يااخي في هذا واشباهه أليس الله قد سخر العالم بعضه في بعض فقال ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا وقال وسخر لكم ما في السموات وما في الارض فذكر أن في السماء امورا مسخرات لنا مثل الارض فلا يقدح في عقيدة المسلم كونه يعلم ما اوحى في السماء من امرها وفي ماذا سخرها عالمها ولو كان ذلك لأطرد في الارض وفي السماء ونحن في كل زمان نهرب الى الاسباب التي نصبها الله لنا وعرفنا على جهة انها مسخرة لنا لاعلى انها فاعلة نعوذ بالله لا نشرك به احدا وانما كفر الشارع من يعتقد ان الفعل للكواكب لا لله وان الله يفعل ما يشاء بها هذا هو الكفر والشرك واما من يراها مسخرة وان الله اجراها حكمه فلا بل من جهة ما اودعه الله فيها وما اوحى الله فيها من امور ورتب فيها من الحكم فقد فاته خير كثير وعلم وفير وماذا بعد الحق الا الضلال
واعلم ان ادريس عليه السلام المثلث بالحكمة لما علم ان الله تعالى بالعلم الذي اوحاه اليه قد ربط العالم بعضه ببعض وسخر بعضه وراى ان عالم الاركان مخصوص بمولدات راى اجتماعات الكواكب واقترانتها في المنازل واختلاف الكائنات واختلاف الحركات الفلكية وراى السريعة والبطيئة وعرف انه مهما جعل سيره وسفره مع البطئ ان السريع يدخل تحت حكمه فإن الحركة دورة لا خطية فلا بد ان يرجع عليه دور الصغير السريع فيعلم من مجاورة الهبط فائدة المسرع فلم يرى ذلك إلا في السماء السابعة فاقام عندها 30 سنة يدور معها في نطع فلك البروج في مركز تدوير وكيها وفي الفلك الحامل لفلك التدوير والفلك الحامل للأفلاك التداوير هو الذي يدور به الفلك البروج فلما عاين ما اوحى الله في السماء وعاين ان الكواكب قوة الاجتماع من برج السرطان فعلم انه لابد ان يكون الله ينزل الماء عظيما وطوفان لما تحققه من العلم ومشى في الدقائق الفلك فعلم الجمل والتفصيل ثم نزل فاختص من ابناء دينه وشرعه ممن عرف انفيه ذكاء وفطنه فعلمهم ماشاهد وما اودع الله من الاسرار في هذا العالم العلوي وانه من جملة ما اوحى الله في هذه السموات انه يكون طوفان عظيم ويهلك الناس وينسى العلم واراد بقاء هذا العلم على من يأتي بعدهم فأمر بنقشها في الصخور والاجحار ثم رفعه الله المكان الاعلى فنزل بفلك الشمس وهو الفلك الرابع وسط الافلاك السماوية وهو القلب لأن فوقه خمس كور وتحته مثل ذلك فأعطاه الله في هذا السفر الذي رفعه به إليه مقام القطبية والثبات وجعل الامر يدور عليه وعنده يجتمع الصاعد والنازل ونتج له هذا السفر علم الزمان والدهر وما يكون فيه وعلم الزمان من اسنى المعارف الموهوبة نتج له روحانية الليل والنهار وما سكن فيهما فمن سافر الى عالم قلبه كما سافر ادريس عليه السلام عاين الملكوت الافخم وتجلى له الجبروت الاعظم وعاين سر الحياة الذي هو روحها والساري بها في جميع الحيونات وفرق بين الروح الكثير والروح القليل واعطى كل ذي حق حقه وعرف من كتب نقوشه السفلية ومراتب ارواحه العلوية وانبعاث الفروع من الاصول وانعطاف الفروع على الوصول وصورة الكون وحكمه الدور وما اشبه هذه المعارف ويكفي هذا القدر من سفر........ إدريس عليه السلام
****************************************
***********************