بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
العقل والطاقة في القرأن
ماهى الكيمياء الكيمياء فرع من فروع العلم يختص بدراسة تركيب المواد والتفاعلات التى تحدث بينها وهذا االعلم قد تفرع بدوره
الى أفرع عديدة منها من أختص بالمواد غير العضوية كالفلزات وغيرها ومنها من أختص بالمواد العضوية مثل السكريات وغيرها ومع تطور علوم التشريح ووظائف الاعضاء فتح ذ لك مجالا واسعا لدراسة العمليات الحيوية التى تجرى داخل الجسم فيما يسمى بالكيمياء الحيوية وحيث ان القلب يعتبرعضوا هاما من أعضاء الجسم- كما تبين مما سبق- و هو يمتلىء بالدم الذى يعتبر سائل ذو اهمية قصوى كوسيط فى نقل سواء المواد المفيدة او الضارة بين خلايا الجسم وبعضها وبينها وبين خارج الجسم ونقص هذا السائل يشكل شيئا خطيرا قد يعرض الانسان للموت والتبرع ولو بنقطة واحدة له عظيم الاثر والثواب
فهل يا ترى المشاعر التى يمتلىء بها القلب هى ايضا ضربا من الاشياء التى تخضع لعلم الكيمياء
الانسان روح وجسد يقول ألكسيس كاريل فى كتابه الانسان ذلك المجهول ان الجسم يبدى الى جانب النشاط الفسيولوجى وجوه نشاط اخرى يطلق عليها النشاط العقلى وتعبر الاعضاء عن نفسها بالعمل الالى والحرارة والظاهرة الكهربائية والمبادلات الكيمائية القابلة للقياس بواسطة فنون الطبيعة والكيمياء وقد نستطيع تقسيم النشاط العقلى الى نشاط عقلى واخلاقى وذوقى ودينى وان كان هذا التقسيم صناعيا اذ ان الحقيقة ان الجسم والروح هما وجهان شىء واحد والتناقض البادى بين المادة والعقل يمثل فقط تعارض نوعين من الفنون
الجهاز النفسى من المعلوم أن الانسان قد أبدعه الله سبحانه وتعالى من مادة وروح أما المادة فهى الجسد المعلوم لنا وأول انسان خلقه تعالى من طين ثم توالت الخلائق من نطف عبارة عن البويضة الملقحة ولايوجد تناقض هنا فلقد توصل العلم الحديث الى إكتشاف حقيقة ان تركيب جسد الانسان من نفس العناصر التى يتكون منها الطين او التراب بل وبنفس النسب تقريباوالجسد هو مجموعة الوحدات البنائية المسماة الخلايا والتى تتحد لتكوين الانسجة ثم الاعضاء فالاجهزة الداخلية
ولكن بالنسبة للروح فالامر مجهول تماما فهى سر من أسرار الخالق جل وعلا ومن ثم تعددت التصورات والافكار وظهرت فى الازمان القديمة الفلسفات التى خاضت فى هذه الامور الغيبية وقد تأثر بها بعض فلاسفة المسلمين بعد الفتوحات الاسلامية و من ثم نشأة علم الكلام الذى أستمد وجوده من اختلاط بالشعوب الاخرى حديثة العهد بالاسلام . ثم كان فى العصور الحديثة ما يسمى علم النفس الذى حاول استلام راية الخوض فى أسرار النفس البشرية والتى نحا أحد رواد هذا الفن والمبتكر الاول للتحليل النفسى فرويد منحى جديد وغريب بإتخاذ الجنس مبررا لمعظم السلوك الانسانى وتحدث عن الانا والهو والانا العليا والصراع الذى قد ينشأ بين المرء أو المرء ومجتمعه إلا أنه قد توصل فى وقت مبكر فى عام 1890 الى ان الجهاز العصبى يمكن ان يتأثر عن طريق العقل وبالتالى تحدث عن تلك القوة الغامضة واسماها العقل الباطن .ويتحدث علماء النفس عن الحياة العقلية ويقولون انها ثلاثية الجوانب وتشمل المعرفة والشعور والارادة ولاتعنى المعرفة لديهم مجرد المعلومات بل تشمل الانتباه واليقظة ايضا ووضعوا فى اعتبارهم ان العقل هو مقياس الانسان واننا كبار بقدر ما نشعر ونحن سعداء بقدر ما نعتقد والعقل الشديد اليقظة والانتباه لايحتاج مطلقا الى الضيق وعدم الاهتمام وكل نمو فى هذا العقل هو نمو فى الشخصية والجانب الثانى من جوانب الحياة العقلية عند علماء النفس هو المشاعر والتى تعتبر القوة الدافعة فى الحياة والانفعالات تعتبر سلاح ذو حدين واذا انفلتت من بين ايدينا قد تصبح قوة خطيرة والسؤال هل نستطيع التحكم تماما فى مشاعرنا!والجانب الثالث من الحياة العقلية هو جانب الارادة ويقصد بها العملية التى يختار بها العقل اى الطرق يسلك ثم يتبع ذلك الاختيار بالعمل وهذه الارادة ثم تقويتها بالمران وكلما زاد وضوح الصورة التى فى عقلنا عن النفس التى نريد ان نكون عليها سهل علينا ان نرغب ونريد فى الاتجاه الصحيح - وهذا الثالوث على فريضية صحته ففى اعتقادى انه تسبقه قوة خاصة تنبع من القلب وتجعله يعمل التفكير فى هذا الامر او ذاك وهذه القوة النابعة من القلب هى قوة الخير او الشر او بمعنى ادق هى قوة الايمان او الكفر.
كلمة فى التصوف يقول الاستاذ حسن عباس زكى وزير الاقتصاد المصرى الاسبق ان التصوف موضوع قلبى وليس موضوع حواس لان الانسان المؤمن ايمانه بقلبه وان الايمان يشع على جوارحه فتعمل فى طاعة الله وعلى ذلك فان الاصل هو القلب فمجال التصوف هو القلب ومجال العلم هو العقل ومجال الحركة هى الحواس وكل واحد من هذه النواحى لها دورها ويقول الشيخ محمد الغزالى ان التصوف نزعة انسانية عامة تلتقى فيها الطبيعة النفسية لبعض الناس مع طبيعة الايمان العميق باى دين و يتكون الموضوع الفريد والصحيح للتصوف الاسلامى يتكون من ثلاثة عناصر اولها جعل الايمان النظرى شعورا نفسا وتحويله من عقل يتصور من عقل يتصور الى قلب يعى ويتحرك والثانى تهذيب النفس والثالث النظر الى الوجود الصغير فى هذه الدنيا على انه جزء من الوجود الكبير الممتد بعد الموت وسلفنا الصالح كان يستجمع فى حياته النفسية والاجتماعية العناصر السابقة ولكنه لم يعرف الكلمة كما عرف النح وان كان يجيد النطق ولما كان الاسلام ينبع من اصول معروفة هى كتاب الله وسنة رسوله فان اى علم من علومه محكوم طوعا او كرها بهذه الاصول
الطب والمشاعر لو نظرنا كيف يتعامل الاطباء مع الامراض النفسية مثل الاكتئاب وهو مرض واسع الانتشار ويعزى السبب فى معظم حالاته الى وجود خلل كيميائى فى نواقل الرسائل فى الجهاز العصبى مثل مادتى السيروتنين والنورادرينالين وذلك بعد اكتشافهم الصلة بين هذه الامراض ووجود مواد كيميائية تفرز داخل الجسم ومحاولة اعطاء ادوية تثبط من تأثير هذه المواد لعلاج هذه الحالات وهنا يتبادر الى الذهن سؤال هل المشاعر غير المرضية أو الناتجة عن الانفعالات الوقتية تخضع فى عمومها الى قواعد نفس اللعبة هل تعرضت يوما ما لغضب شديد وضغط عصبى مع احد رؤسائك او عملائك فوجدت ان الدماء قد تصاعدت الى وجهك واحمرت اذناك وانتفخت اوداجك؟لو حاولت ان تبحث عن الاجابة لوجدت ان هناك مادة كيميائية هى الادرنيالين قد افرزت وهى التى تسببت فى ذلك عن طريق جهاز يسمى الجهاز العصبى التلقائى يسيطر على القلب اما بالتحفيز او التثبيط وينتهى تأثيرها بانتهاء هذا الموقف ويعود الامر الى طبيعته هل تتذكر متى اخر مرة مارست فيها لعبة رياضية لوقت طويل بلااستعداد مسبق...هل تتذكر كيف تلاحقت انفاسك وكاد قلبك يتوقف عن العمل اثناء ذلك وفى نفس الوقت تذكرت ذلك البطل العالمى الذى بذل اضعاف اضعاف ما بذلت من جهد ولم تتساقط منه حبة عرق لانه بالتدريب المستمر اصبح جسمه يتأقلم مع المجهود العنيف ولم تعد ثمة حاجة لاستدعاء كل هذه المواد الكيميائية لمواكبة الزيادة فى المجهودهل ادركت الان قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب فكما توجد كيمياء للغضب فهناك ايضا كيمياء للحلم فالانسان الذى يدرب نفسه على الصبر والطاعة يستطيع ان يقهر تلك النوبات من الحماقة والذلل فقط انما يحتاج الامر الى مزيد من الجهد والعمل ودعنا نتذكر ذلك القول الخالد (آلا ان سلعة الله غالية آلا ان سلعة الله هى الجنة) فلابد من التعود على الحرمان من الانزلاق فى الشهوات والاسراف فى المعاصى والتحكم فى الغريزة ولعل الحكمة فى المثابرة على الاعمال الصالحة مثل الصيام تتضح فى هذا السياق
يتبع