بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين:
أيها الأخوة الكرام:
سيدنا عمر عملاق الإسلام، الذي كان مضرب المثل، في العدالة والرحمة، عين والياً على عمل، وأعطاه كتاباً، قال فيه، خذ عهدك، أي كتاب التعيين: وانصرف إلى عملك، إلى مهمتك، واعلم أنك مصروفٌ رأس سنتك، سنة واحدة، تدريب، تمرين، واعلم أنك مصروفٌ رأس سنتك، وأنك تصير إلى أربع خلال، في أربع حالات تنتظرك بعد عام، إن وجدناك أميناً، ضعيفاً، أمين لكنه ضعيف، ما عنده جرأة، لا يستطيع أن يقبض على الأمور بشكل حازم، أميناً ضعيفاً، استبدلناك لضعفك يعني عزلنا آخر السنة، وسلمتك من معرفتنا أمانتك، ما في عقاب، بس عزل، وإن وجدناك خائناً قوياً قوي الشخصية، جريء، طليق اللسان، لكن ما في أمانة، وإن وجدناك خائناً قوياً، استهنا بقوتك وأوجعنا ظهرك وأحسنا أدبك، وإن جمعت الجرمين، الضعف، والخيانة، جمعنا عليك المضرتين العزل والتأديب، وإن وجدناك أميناً قوياً، زدناك في عملك تمديد، تثبيت تعيين، ترقية، وإن وجدناك أميناً، قوياً، زدناك في عملك ورفعنا لك ذكرك وأوطئنا لك عقبك.
من أين أخذ هذا الخليفة العملاق هذا المقياس الدقيق ؟ أخذه من قوله تعالى:
﴿ قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ﴾
( سورة القصص: 26 )
كأن كلمة القوي تشير إلى الكفاءة القدرات الفنية، فلان عينته في عمل هو كفئٌ له، فهمان، خبراته واسعة، يعرف دقائق الأمر، يعرف ملابساته، يعرف مشكلاته عنده حلول جاهزة ، هي معنى فلان كفئ، الكفاءة خبرات فنية والأمين خبرات أخلاقية.
لو فرضنا إنسان يعمل في صنعة، دقيقة، وعالية المستوى لكن ما في أمانة، يوهم الناس أنه في عندهم أمراض وبيلة، ويبتز أموالهم، ما في أمانة فالشيء الدقيق بالآية، أن الخبرة الفنية وحدها لا قيمة لها، وأن الأمانة وحدها لا قيمة لها، كلاً من الخبرة والأمانة شرطان كل واحدة شرط لازم غير كافي.
فا أي إنسان استعملته على عمل، أي إنسان كلفته بمهمة، أي إنسان أعطيته إنجاز ينجزه، لا بد من توافر الخبرة والأمانة، قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين.
سيدنا عمر نفسه سأل أحد الولاة، قال له ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارقٍ أو ناهب، فقال عمر أقطع يده، حسب الشرع، فقال الوالي، عمر سأل الوالي ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارقٍ أو ناهب فقال الوالي الممتحن: أقطع يده، فقال عمر: إذاً فإن جاءني من رعيتك، من هو جائع أو عاطل بلا عمل فسأقطع يدك قال للوالي: يا هذا إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد وجوعتهم، ونستر عورتهم ونوفر لهم حرفتهم، فإن وفينا لهم ذلك، تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل فإذا لم تجد في الطاعة عملاً، التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة، قبل أن تشغلك بالمعصية.
أخوانا الكرام: الأعمال أمانة، من لم يكن كفئً لهذا العمل فهو محاسب حساباً عسيرا.
قال يا رسول الله: سيدنا أبو ذر، ولي من ولاك الله، قال له أنت ضعيف وإنها أمانة، وإنها خزي وندامة يوم القيامة.
فمن تتطلع لعمل ليس له أهلٌ، فليتبوأ مقعده من النار، من ولي أمره المسلمين وحجب نفسه عن ضعافتهم، وعن أصحاب الحاجة فيهم، فليتبوأ مقعده من النار، من ولي أمر المسلمين فلم يحطهم بنصحه، كما ينصح أهله، فليتبوأ مقعده من النار.
أيام يفرحوا الناس منصب، بشغلة، بعضوية، هي مسئولية كبيرة، أي قانون لا يرضي الله برقبتك له يوم القيامة، فالإنسان عليه ألا يقدم على عمل إلا إذا كان واثقاً.
الآن الإنسان العادي في حديث شريف، من استعمل رجلاً في عصابة وفي الناس هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين
يعني أنت قال لك مدير تربية، عين لنا مدير مدرسة، في عندك عشرين مدرس في بعضهم ثقافتهم عالية جداً، في بعضهم أخلاقهم عالية جداً، في اثنين فقط ثقافة و علم، وأخلاق عالية واستقامة ودين، قمت عينت أقربائك، بقلك نفعناه
من استعمل رجلاً على عصابة، على جماعة، وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين.
فالقضية مسئولية، إذا اخترت أنت مسؤول، إذا كان عرضت نفسك لعمل لست له بأهل أنت مسؤول، كلاكما، الحياة امتحانات فالإنسان لازم يكون دقيق يكون متبصر، يبحث عن الأصلح، لأنه أمانة، هذه أمانة، قال له إنها أمانة وإنها خزي وندامة يوم القيامة.
والإنسان، انظروا يا أخوان كل ما ارتقى بالحظوظ، تزداد مسئوليته، أنت إطلاع لبناية فيها طابق بتشوف منظر، الطابق الثاني أوسع المنظر، إذا كان بناية أثنى عشر طابق، وطلعت لفوق صرت بنص الشام، إذا طلعت لقاسيون بتشوف الشام كلها، أركبت طيارة بتشوف الشام وحولها، طلعت أربعين ألف قدم بتشوف حمص وأن فوق بالطيارة، طلعت لقريب من القمر بتشوف الأرض بكاملها الخمس قارات مع البحار، فكل ما ارتفعت ترتفع دائرة الرؤيا.
وبالحظوظ لكما زاد حظك، اتسعت دائرة مسئوليتك، تصير مسؤول أكثر، فلذلك الإنسان يحاسب نفسه حساباً عسيراً، حتى يكون حسابه يوم القيامة يسيراً، كلمة مسؤول يعني مسؤول،
﴿ فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون﴾
( سورة الحجر: 92 )
﴿ إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم ﴾
( سورة يس: 12 )
مرة قلت لكم قادم من الزبداني، قال لي واحد هذا البناء ملهى حديث جداً، في كل أنواع الموبقات، وكل أنواع السقوط، والقمار، والزنى، الخ، قال لي صاحبه بعد ما فتحه بأسبوع توفي، أخطر الأعمال التي يستمر إثمها بعد موت صاحبها، وأعظم الأعمال التي تستمر بعد وفاة صاحبها.
واحد أسس عمل عظيم، أسس جامع مثلاً، أسس معهد شرعي أسس ميتم، دعى إلى الله، ترك أثر علمي، ألف كتب، ألف قلوب بعد ما مات الحق مستمر ما شي.
لذلك أيها الأخوة ابحث عن عمل لو انتهت حياتك ما ينتهي هذا هو الصدقة الجارية، التي تدوم بعد موت صاحبها، إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جاريةٍ، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدع له.
فأنت مسؤول بالحالتين، إذا عرضت نفسك لعمل مسؤول وإذا اخترت مسؤول.
الشيء الثاني، كل حركة، وكل سكنه، محاسب عنها أخطر الأعمال التي تستمر بعد وفاتك، هذا نوبل اخترع البارود، بعد ما اخترع رأى نفسه مجرم، لأنه كل إنسان سيموت بالبارود محاسب عنه، بتلاقي قنبلة بقلك عنقودية، قنبلة تلفزيونية، قنبلة ذكية القنبلة تنفجر يتجمعوا الناس حولها يشوفوا أثار الانفجار بكون فيها قنبلة ثانية لسع ما انفجرت، وحولك مائتين شخص تنفجر الثانية اخترعوا قنبلة تثقب البناء ليس بالانفجار تبعها، بس بوزنها أما ما تنفجر إلا بأرض البناء بعد ما تصير بالقبو تنفجر تنسفه من أساسه مخ عما يشتغل، هي كل الأعمال هي، نوبل اخترع البارود شعر بجريمته قام ترك مبلغ ضخم جداً لمن يقدم عمل يؤكد فيه السلام والإنسانية، بس الجريمة وقعت فالإنسان مسؤول، مرة ثانية أخطر الأعمال التي تستمر بعد موت صاحبها، إن كان أعمل صالحة هنيئاً لصاحبها
النبي الكريم جاء إلى الدنيا ودعا إلى الله وتوفي، والآثار للآن إلى الصين إلى شمال الاتحاد السوفيتي، إلى الشرق، إلى أسبانيا إلى شمال إفريقيا، كلها في صحيفة النبي.
وفي أشخاص تركوا مفاسد، لا يعلمها إلى الله، كل بيت في معصية بسببه الله يلهمنا الأعمال الصالحة التي تبقى بعد موت صاحبها. والحمد لله رب العالمين
م/ن