صدقة الفطر بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ ، وَالْحُرِّ ، وَالذَّكَرِ ، وَالْأُنْثَى ، وَالصَّغِيرِ ، وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ . متفق عليه(1). وفي رواية : قال عبد الله : فَجَعَلَ النَّاُس عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ . وفي رواية عند مسلم : فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ . في هذا الحديث بيان لما يجب على المسلم الذي أتم صيام رمضان وأرضى ربه فيه وأقبل على العيد المبارك منتظراً جائزته من الله رب العالمين ، فإن صيامه معلق حتى يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن تلزمه نفقته طيبة بذلك نفسه ، راضيا بذلك قلبه ، ففي هذه الزكاة طهرة لصيامه مما قد يكون شابه من لغو أو رفث أو حصل فيه من تقصير ، كما أن فيها معنى اجتماعيا كريما، إذ هي طعمة للمساكين حتى لا يضطروا إلى سؤال الناس في هذا اليوم المبارك يوم العيد . أما مقدار هذه الصدقة فيسير على العبد ، فهو مقدار صاع من الحبوب التي يأكل منها ويدخر ، أو من الطعام الذي يتناوله ، صاع عن كل فرد ممن تلزمه نفقته حتى الوليد الذي أدرك شيئا يسيرا من رمضان ، يشترك في ذلك الحر والعبد والذكر والأنثى ، ويشترك في إخراجها من ملك ما يزيد على قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته ، وحتى الفقير الذي لا يجد، إن أخذ الصدقات فحاز منها ما يزيد على قوته وقوت عياله ليوم العيد وليلته وجب عليه أن يخرج تلك الصدقة ، وبذلك تتعود الأمة كلها على البذل والعطاء والسخاء ، ويتحقق فيها التكافل والتعاون بأبهى صوره وأجمل معانيه . وقت إخراج زكاة الفطر : قول ابن عمر : ((وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ)) يدل على أن المبادرة بها هي المأمور بها ، فلو أخرها عن الصلاة أَثِم ، وخرجت عن كونها صدقة فطر ، وصارت صدقة من الصدقات ، كما في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ(2). وفي هذا دليل على أن وجوبها مؤقت بوقت محدد ، فقيل : تجب من فجر أول شوال لقول ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه : كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نُخْرِجَهَا ، قَبْلَ أَنْ نَخْرُجَ إِلَى الصَّلاةِ ، ثُمَّ يَقْسِمُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمَسَاكِينِ إِذَا انْصَرَفَ ، وَقَالَ : (( أَغْنُوهُمْ عَنِ الطَّوَافِ فِي هَذَا الْيَوْمِ ))(3) . وقيل : من غروب آخر يوم من رمضان ، لقوله : ((طُهْرَةً لِلصَّائِمِ)) . وقيل : تجب بمضي الوقتين ، عملا بالدليلين . والحكمة في تقديمه قبل الخروج للعيد : إغناء الفقراء عن الطواف في الأزقة والأسواق لطلب المعاش في هذا اليوم ، أي يوم العيد ، وإغناؤهم يكون بإعطائهم صدقة أول اليوم . هل يجوز تقديم زكاة الفطر ؟ في جواز تقديمها أقوال : منهم من ألحقها بالزكاة فقال : يجوز تقديمها ولو إلى عامين . ومنهم من قال : يجوز في رمضان لا قبله ؛ لأن لها سببين : الصوم والإفطار ، فلا تتقدمهما كالنصاب والحول . وقيل : لا تقدم على وقت وجوبها إلا ما يغتفر كاليوم واليومين . وقد فعله ابن عمر ، فعَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ . قَالَ : فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ(4) . والذي أراه مناسباً في هذا العصر : تقديمها من منتصف شهر رمضان ؛ ليتهيأ للفقير الانتفاع بها ، وتحقيق الإغناء قبل يوم العيد . هل يجوز إخراج القيمة نقداً في صدقة الفطر ؟ يتــــــــــــــــــــــع